بماذا يمكن أن يتسبب انقطاع الكهرباء عن أحد السجون في السعودية؟ غالباً ما تكون العاقبة وخيمة. امتدت سلسلة الانقطاعات الكهربائية التي طاولت مناطق عدة من السعودية لتطاول سجن الدمام العام أخيراً، كدليل واضح على تفاقم أزمة انقطاع الكهرباء التي لم تسلم منها غالبية مناطق المملكة. وعلى رغم أن سكان السعودية تعودوا على انقطاعات الكهرباء كل صيف، إلا أن حالات الانقطاع كانت «استثنائية» في الأعوام الماضية، في حين أنها باتت تشكّل مسلسلاً حلقاته متعددة في عدد من المناطق والمحافظات. وما يزيد الطين بلة، تزامن هذه الانقطاعات واستمرارها مع حلول شهر رمضان المبارك، وسط عجز من الجهة المعنية عن تدارك الموقف، ما صعّب من صيام الشهر الكريم، خصوصاً مع شدة القيظ، لتظهر فتاوى من بعض الشيوخ بجواز «الفطر» في رمضان في ظل هذه الظروف القاسية. ظلام وحر شديد نتاج انقطاع الكهرباء، وغير ذلك من الأضرار التي تؤثر في حياة المواطنين والمقيمين، بداية من تلف الأطعمة والأشربة، مروراً بتعطل الأجهزة الكهربائية وما يتكبده الناس من خسائر مادية ومعنوية جراء ذلك، وصولاً إلى صعوبة الصيام تحت درجات حرارة عالية، وانتهاء بالشلل الذي يصيب الحياة في هذه المناطق. ولم يقتصر الأمر على انقطاع الكهرباء عن البيوت، فالمجمعات التجارية والأسواق كان لها نصيب، والإدارات الحكومية حظيت بحصتها، ما عطل معاملات المواطنين ومراجعاتهم. كل ذلك دعا جمعاً من المواطنين إلى تقديم شكوى إلى هيئة حقوق الإنسان ضد «الشركة السعودية للكهرباء»، لفصلها التيار عن منازلهم «من دون سابق إنذار، ما ترتب عليه الكثير من الخسائر المادية والمعنوية، خصوصاً أن هناك مرضى في المنازل، يعتمدون اعتماداً كلياً على الكهرباء في استخدام أجهزة طبية خاصة». آخر وأخطر الانقطاعات، الذي حصل في سجن الدمام العام، سبقه انقطاع طاول بعض المجمعات التجارية والأسواق تسبّب في حالة ذعر بين النساء المتسوّقات. ليل كحيل، غمر الشوارع والطرقات العامة والمحال التجارية في الدمام من وقت إلى آخر، اضطر معه بعض السكان إلى افتراش الطرقات بعد أن ضيّقت الحرارة والرطوبة عليهم منازلهم. اضطر كثير من السكان إلى تأمين مولدات تعمل بالديزل في منازلهم، إضافة إلى مصابيح تعمل في حال انقطاع الكهرباء، بعد أن كانت هذه المصابيح تستخدم عادة في المرافق الحكومية والشركات الخاصة، إلا أن الحاجة أسهمت في ترويجها من جديد في الأسواق، والسبب الاحتياط من «الانقطاعات المتكررة»! وأشار بعض سكان محافظات المنطقة الشرقية المختلفة، إلى أن الانقطاعات المتكررة، «أسهمت في تعطيل الأجهزة المنزلية، إضافة إلى فساد الأطعمة». وكان نصيب مدن ومحافظات المنطقة الشرقية من الانقطاعات الكهربائية ما لمدينة الدمام أو أكثر. وكغيرها شهدت الخبر انقطاعات مماثلة في عدد من المحال التجارية والاستراحات في منطقة العزيزية، والمقاهي ومحطات الوقود وبعض المنازل القريبة. وولدت الانقطاعات مواقف محرجة وطريفة، أحدها تعرّض له مواطن أعد وليمة دسمة، دعا إليها أقاربه، بيد أنه تفاجأ بالانقطاع، ما سبب له حرجاً كبيراً، خصوصاً أن التيار الكهربائي لم يعد إلا بعد مدة طويلة. في حين تسبب الانقطاع الكهربائي في إحدى صالات حفلات الزفاف في الدمام، إلى إحراج ذوي العروس، بعد أن تعالت صرخات النساء في الصالة. لكن الأطرف كان انقطاع التيار عن مقر الشركة السعودية للكهرباء في محافظة الأحساء لساعات، إضافة إلى بعض الأحياء المجاورة. وفي القطيف، شهدت مدن وبلدات الأوجام، وسيهات، وتاروت، وصفوى، إضافة إلى بعض الأحياء الشعبية الأخرى، وقوع عدد من الانقطاعات المتكررة، كان آخرها ما حدث في حي السلام في سيهات، إذ انقطع التيار الكهربائي خلال فترة الظهيرة، من دون سابق إنذار، ولمدة ساعتين، ما دعا الأهالي إلى الهرب من منازلهم إلى منازل أقاربهم في الأحياء الأخرى التي لم يشملها الانقطاع. ولم تسلم رأس تنورة التي تعدّ أكبر ميناء لتصدير النفط، من هذه الانقطاعات، إذ وقعت في أوقات مختلفة، لعل أبرزها الانقطاع الذي حصل في وقت مبكر جداً من الفترة الصباحية، ما دعا الأهالي إلى الخروج من المنازل بحثاً عن أجواء باردة، فيما لجأ آخرون إلى كورنيش المدينة، لعلهم يحظون بنسمات باردة، في أوقات عصيبة عايشوها. وفي الجبيل، أسهمت الانقطاعات المتكررة في خروج بعض الأهالي من منازلهم ومكوثهم في السيارات خلال فترة الانقطاع. فيما وجد آخرون في السواحل والشواطئ، إلى حين إعادة التيار الكهربائي. وتسببت هذه الانقطاعات في إفطار بعض الصائمين في رمضان، في مدينة القيصومة (محافظة حفر الباطن)، بسبب عدم مقدرتهم على إكمال الصيام في ظل ظروف مناخية صعبة. لكن الأمر المثير للغضب، كان عدم تجاوب أرقام الطوارئ في الشركة السعودية للكهرباء، مع اتصالات المشتركين، واستمرار الانقطاع وقتاً طويلاً.