يتناول كتاب «إسكان الغريب في العالم المتوسطي» للكاتبة المختصة في التاريخ الوسيط أليفيا ريمي كونستابل (المدار الإسلامي - الترجمة والتقديم: محمد الطاهر المنصوري، مراجعة محمد ياسين الصيد) مفهوم الرحلة وما يُرافقها من علاقات ومؤسسات ومصطلحات أهمّها «الفندق»، وهو جوهر الكتاب. والفندق كما هو معروف باللغة العربية كان واسع الانتشار في الفضاء المتوسطي منذ ما يناهز ألفي سنة. ولم تكن هذه المؤسسة مأوى التجار والمسافرين فقط، بل كانت تستخدم أيضاً كحانات وأسواق ومخازن ومقارّ للتعشير والتنظيم التجاري. وتابعت ريمي كونستابل في دراستها الضخمة (500 صفحة تقريباً) التطوّر المعقد الذي شهده هذا الصنف من المؤسسات، ابتداء من صورته اليونانية في العصر القديم المتأخر، إلى أن ظهر «الفندق» على امتداد البحر الأبيض المتوسط الإسلامي في خط مواز لازدهار الإسلام. وتابع «الفندق» تطوره مع انطلاق القرن الثاني عشر ونزوح التجار الأوروبيين إلى الأسواق الإسلامية وتحوّل إلى ما يُعرف باللاتينية fondaco. سهّلت هذه المستوطنات التجارية التجارة والتنقّل بين المناطق الإسلامية والمسيحية. وقبل مرور وقت طويل ظهرت الفنادق في مدن جنوب أوروبا أيضاً. وتوضح الدراسة التي رصدت انتشار هذا الصنف من المؤسسات على امتداد البحر المتوسط وجود مصالح اقتصادية مشتركة، ووجود تواصل ثقافي متبادل على امتداد العالم المتوسطي، وبذلك هي تقدّم مساهمة ضرورية تساعدنا على فهم هذه المنطقة. من هنا، كانت أهمية ترجمة هذا الكتاب الذي صدر عام 2003 عن منشورات كامبردج الجامعية في لندن.