بدت الأزمة السورية، المستمرة منذ أكثر من عامين ونصف عام، مقبلة على أسبوع حافل قد تتحدد فيه تفاصيل كثيرة متعلقة بالتحضير لمؤتمر «جنيف - 2» وسقف التوقعات الموضوعة له. ويُفترض أن يكون هذا الملف جزءاً أساسياً من المحادثات التي سيجريها وزير الخارجية الأميركي جون كيري مع مسؤولين غربيين وعرب في باريس خلال الساعات المقبلة، عشية استضافة لندن اجتماعاً وزارياً يوم الثلثاء يضم 11 دولة هي النواة الأساسية لمجموعة «أصدقاء سورية». وستتركز الأنظار على اجتماعات باريس ثم لندن لأن الصورة يمكن أن تتظهر فيها في شكل أوضح في خصوص شروط المعارضة السورية لحضور «جنيف-2» والأهداف التي تريد الحصول عليها لقاء المشاركة وعلى رأسها إنشاء حكم انتقالي ب «صلاحيات تنفيذية كاملة» لا يكون للرئيس بشار الأسد دور فيه. وفي انتظار جلاء صورة اجتماعات كيري حذّرت إدارة الرئيس باراك أوباما نظام الأسد من ارتكاب مذابح في معضمية الشام التي يستعد الجيش النظامي لاقتحامها بعد حصار استمر أربعة أشهر. وجاء التحذير الأميركي في وقت نقلت وكالة «فرانس برس» من نيويورك عن مسؤولة العمليات الإنسانية في الأممالمتحدة فاليري اموس مطالبتها أمس السبت بوقف لإطلاق النار وإقامة ممر إنساني فوري لإنقاذ المدنيين المحتجزين في المعضمية، قائلة: «إننا نُمنع من الوصول إلى المعضمية منذ أشهر». وقُتل أمس ما لا يقل عن 31 شخصاً في تفجير قامت به «جبهة النصرة» ضد حاجز لقوات النظام واشتباكات تلت التفجير في منطقة جرمانا قرب العاصمة السورية. وأفيد أن القتلى مناصفة تقريباً بين جنود النظام والمهاجمين، علماً أن المنطقة التي استُهدف فيها الحاجز يقطنها مسيحيون ودروز. ونشرت وسائل إعلام بريطانية تقارير أمس عن «قناصة» تابعين للنظام يستهدفون «عمداً» المدنيين بما في ذلك النساء الحوامل، في تصرف وصفه طبيب بريطاني متطوع بأنه «جحيم ما وراءه جحيم». وأوردت هذه التقارير معلومات عن أن «القناصة» كانوا يحصلون على جوائز هي عبارة عن «علبة سجائر» إذا نجحوا في إصابة هدفهم. وفي هذا الإطار، وزّع ناشطون إغاثيون صورة لجنين أصيب برصاصة قناص في الرأس وهو في بطن أمه. وعلى خط مواز للتحضيرات ل «جنيف-2»، باشر المبعوث المشترك للأمم المتحدة والجامعة العربية إلى سورية الأخضر الإبراهيمي جولته الإقليمية في القاهرة، رافضاً تحديد موعد للمؤتمر لكنه حدد طبيعته وهدفه قائلاً إن المؤتمر «بداية» لعملية و «ليس حدثاً يستمر (فقط) يوماً أو يومين في جنيف». وأضاف أن «جنيف - 2» عبارة عن «عملية يتم بدؤها مع حضور دولي مهم، ثم يتم التواصل داخل سورية في حوار يشترك (فيه) الجميع». وأوضح أنه لا يمكن حضور كل الأطراف الكثيرة في سورية إلى جنيف «لكن في النهاية كل الأطراف في سورية سيُساهم في بناء سورية الجديدة». وشدد الإبراهيمي، بعد محادثات مع وزير الخارجية المصري نبيل فهمي، على أن حضور المؤتمر سيتم من دون شروط مسبقة وأن كل طرف سيقول فيه كل ما يريده. ووصف الأزمة في سورية بأنها «أزمة قاتلة يتخبط فيها الشعب السوري الشقيق منذ عامين ونصف»، مشيراً إلى أن هناك الآن «جهداً حثيثاً من قبل جهات مختلفة على المستوى الدولي والإقليمي لعقد المؤتمر من أجل وضع الإخوة السوريين على طريق الحل السياسي الذي يُعدّ وحده القادر على أن ينهي هذه الأزمة بما يحقق طموحات الشعب السوري في الحرية والاستقلال ووحدة الشعب والتراب السوري وبناء ما يسميه البعض وأنا منهم: الجمهورية السورية الجديدة». ويلتقي الإبراهيمي صباح اليوم الأمين العام لجامعة الدول العربية نبيل العربي للبحث في التطورات السورية و «جنيف - 2». وأكد فهمي تأييد مصر الكامل للحل السياسي للمشكلة السورية و «الحل الذي يحقق تطلعات وآمال الشعب السوري في حياة حرة ديموقراطية كريمة للجميع ويحافظ على وحدة سورية كدولة وعلى صيانة أراضيها». وحول كيفية تخطي العقبات حول عقد المؤتمر قال الإبراهيمي «إن هذا أملنا»، مشيراً إلى أنه متفق مع فهمي على أن الاقتتال الجاري في سورية «لن يحقق النصر لأي طرف ولا يوجد حل عسكري في سورية»، قائلاً إنه «يعتقد أنه حتى الأطراف السورية بدأت تقول إن الحل السياسي ضروري وواجب ومستهدف». وأوضح فهمي ضرورة وجود ضمانات أو ضوابط لنجاح المؤتمر، مشيراً إلى أهمية أن تكون هناك مشاركة تعكس الأطراف المختلفة ويكون هناك اتفاق على ما هو المرجو من المؤتمر بمعنى الوصول إلى مرحلة انتقالية تمكّن الشعب السوري - بعد ذلك - من اتخاذ قراره في آليات دولته». وشدد على أنه «من دون مشاركة الأطراف المعنية سنجد أنفسنا نتحاور من دون أطراف رئيسية». وأوضح الإبراهيمي: «نحن على صلة بالمعارضة في الخارج وقد التقيت مع وفدهم في نيويورك ثلاث مرات، كما أننا على صلة بالمعارضة في الداخل وبالحكومة ودول الجوار والدول القريبة من الجوار وعلى رأسها مصر... ولا يمكن أن اعتبر أنني أشعر بالغيرة على سورية أكثر من الناس في المنطقة وأنا أخاف على سورية وشعبها وليس لدي هدف سوى خدمة الشعب السوري». وفي جنيف (ا ف ب)، أعلنت منظمة الصحة العالمية وجود حالتين في دير الزور يشتبه بأن تكونا لمرض شلل الأطفال في سورية، وهو مرض معد جداً لم يسجل في البلاد منذ 1999.