لم تكن مصادفة أن يلتقي، صانع الزجاج ب «مسوق الحديد»، في بعثة حج واحدة، جمعت رجلين يعملان بمهنتين، ذكر الخالق ما يصنعان في محكم كتابه، اختير اسماهما مصادفة في قرعة الحج لهذا العام. صانع الزجاج عساف مبارك، دام انتظاره قرابة ربع قرن، إذ بدأت أحلامه في إتمام الركن الخامس منذ أن كان في ال25 من عمره، وأخيراً تحققت أمنيته بالحج هذا العام، بعد أن سانده الحظ في اختيار اسمه ضمن قرعة الحج، ليتم ركنه الخامس من أركان الإسلام، مؤدياً أول حجة له عاشها في قريته «طربيدة» التي تبعد عن مدينة مراكش نحو 250 كيلو متراً. عساف مبارك، امتهن صناعة الزجاج منذ 33 عاماً، في أحد المصانع المغربية، كان قدره أن يتطوع راغباً للبحث عن تائهي مخيمه في منى، من كبار السن الذين أدى تشابه المخيمات إلى ضياعهم، ليكون الهاتف المحمول هو وسيلة التواصل الوحيدة بينهم لتحديد مكان وجودهم في المشاعر، والتوجه إليهم، والعودة بمن ضل عن طريق المخيم إلى نقطة التجمع في شارع «سوق العرب» في منى. مسوق الحديد حسني عبدالسلام، لم تكن قصته مختلفة كثيراً عن عساف مبارك، إلا أن الأول عاش واستقر في مدينة مراكش المغربية، بيد أن عمريهما اتسقا في تقارب موعد سن التقاعد الرسمية «60 عاماً» في العام ذاته، بعد أربعة أعوام من الآن. وعلى رغم كل ذلك، إلا أن روحيهما كانتا شابتين، بضحكاتهما المرتفعة بعد كل سؤال، وتداخل إجاباتهما، إضافة إلى تطوعهما في البحث عن من كانوا أكبر سناً منهما، وذلك بإنشائهما نقطة تجمع يحمل عندها أحدهما العلم المغربي بلونه الأحمر. استخدام العلم المغربي، لم يكن فقط دلالة على أماكن وجودهما في «سوق العرب» بمنى، بل كان رفعة اعتزاز بدولتهما المغربية، وتعريفاً للحجيج إلى انتسابهم لها، وإعلاناً لحبهما لها.