«جبارة» فيلم وثائقي عن مسار المسرحيّ اللبناني الرائد ريمون جبارة، وهو من إعداد نصري البركس وإخراجه وإنتاجه، وقدم الفيلم مساء أول من أمس في عرض أول في قصر الأونيسكو - بيروت بدعوة من جامعة سيدة اللويزة ومؤسسة إميل شاهين للثقافة السينمائية. وقبل بدء العرض، تسلّم جبارة رسماً له بريشة الفنان الراحل بيار صادق، من زوجته السيدة حنان صادق. ويتناول الفيلم الوثائقي في 120 دقيقة سيرة ريمون جبارة الفنية وأهم إنجازاته ومساهماته في الحركة المسرحية الحديثة في لبنان على مدى أكثر من 50 عاماً، من خلال ابرز المحطات الفنية والثقافية والتاريخية التي طبعت تلك الحقبة من تاريخ لبنان الممتدة من أواخر خمسينات القرن الماضي وحتى نهايته، وصولاً إلى بعض أعماله الأخيرة. وقال المخرج نصري البركس إن «جبارة» فيلم «غير مخصص لغايات تجارية، وهدفه توثيق -وتأريخ- حقبة ذهبية من الإبداع والفن والمسرح اللبناني من خلال احد رواد الحركة المسرحية الحديثة وأحد ابرز الشخصيات الجدلية المعاصرة في لبنان». ويتضمن الفيلم مقابلة مع ريمون جبارة ومقابلات اخرى مع ممثلين ونقاد عاصروه ورافقوه في ابرز أعماله أمثال انطوان كرباج ، ورفعت طربيه، وكميل سلامة، وجوزيف بونصار، ومي منسى، وغبريال يمين، وجوليا قصار. ويعرض الفيلم في قسمه الأول لبدايات ريمون جبارة كممثل، في فترة ستينات القرن المنصرم، وذلك منذ ان بدأت لجنة مهرجانات بعلبك الدولية تهتم بالمسرح اللبناني وتدعمه، عبر تأسيس معهد المسرح الحديث، وفرقة المسرح الحديث، اللذين التحق بهما جبارة، مروراً بأهم الأعمال التي شارك فيها مع فرقة المسرح الحديث، وحلقة المسرح اللبناني، وفرقة المسرح الحر، التي ساهم في تأسيسها، وغيرها من الفرق المسرحية والمسرحيين، بين العامين 1960 و 1970، حيث لمع نجمه على خشبات المسارح، وأصبح من ابرز الممثلين الموهوبين وأبرعهم. أما القسم الثاني من الفيلم فيتناول الفترة الممتدة من بداية سبعينات القرن العشرين، حين بدأ ريمون جبارة تجربة الإخراج والتأليف، اضافة إلى استمراره في التمثيل في أعمال متنوعة، وحتى اندلاع الحرب اللبنانية في العام 1975، مروراً بأول أعماله المسرحية «لتمت دزدمونا»، ثم «تحت رعاية زكور»، وبداية تمارين مسرحية «دكر النحل» التي قطعها اندلاع الأعمال العسكرية بداية الحرب الأهلية. ويحكي القسم الثالث عن فترة الذروة الإنتاجية في مسرح ريمون جبارة، على رغم الحرب والصعوبات التي ولدتها، أي فترة ما بين العامين 1975 و1986 ، حين ابدع اهم إنتاجاته في المسرح، فقدم «شربل»، و»زردشت صار كلباً»، و»محاكمة يسوع»، و»قندلفت يصعد إلى السماء»، و»دكر النحل» ورائعته الفنية «صانع الأحلام» التي نالت جوائز في مهرجانات عربية وتقدير النقاد على السواء. ويغطي القسم الرابع مرحلة الخيبة بين العامين 1987 و1990، وهي مرحلة تعيين ريمون جبارة مديراً عاماً ورئيساً لمجلس إدارة تلفزيون لبنان، فانصرف إلى عمل إداري انهكه وأبعده قسراً عن المسرح، وأدى في النهاية إلى إصابته بعارض صحي خطير، كانت نتيجته شللاً نصفياً حتم مرحلة صراع قاسية في حياته. ويتناول القسم الخامس مرحلة العودة المتقطعة بين العامين 1993 و2013، حيث قدم في فترات متباعدة مسرحيات «من قطف زهرة الخريف»، و»بيكنيك على خطوط التماس»، وأعاد عرض «زردشت صار كلباً» و«شربل» مع جيل جديد من الممثلين، وأخرج مسرحيات للكاتب انطوان غندور هي «يوسف بك كرم» و«طانيوس شاهين» و«نقدم لكم وطن»، إلى آخر مسرحياته «مقتل إن وأخواتها» في العام 2012.