منجزاتنا ضد النسيان    وادي حنيفة.. تنمية مستدامة    إطلاق 33 كائنًا فطريًا في محمية الملك خالد    النفط يهبط 2% عند التسوية    في ذكرى العام التاسع للرؤية    واردات البولي إيثيلين السعودية تحافظ على قوتها في أسواق آسيا    بمشاركة رئيس اللجنة الوطنية للمعارض والمؤتمرات .. افتتاح النسخة الأكبر من معرض "بيوتي وورلد 2025" في الرياض    الرئيس الفلسطيني: «حماس» وفرت للاحتلال ذرائع لتنفيذ جرائمه في غزة    إيران تندد بالعقوبات الأميركية قبيل جولة المحادثات الثالثة    كشمير: هجوم مسلح على سياح يردي 26 قتيلاً    من يلو إلى روشن.. نيوم يكتب التاريخ    ولي العهد وملك الأردن يستعرضان العلاقات وفرص تنميتها    تعادل الرياض والفتح وفوز الأخدود على الخلود    كأس الاتحاد للكرة الطائرة.. النصر يواجه الاتحاد .. والهلال يقابل الفائز من الابتسام والصفا    جائزة محمد بن صالح بن سلطان تنظم ملتقى خدمات ذوي الإعاقة    غرامة (50,000) ريال والسجن للمتأخرين عن الإبلاغ عمن انتهت تأشيرتهم    «الأدب» تدشن جناح الرياض بمعرض بوينس آيرس الدولي للكتاب    الجائزة تحمل رسالة عظيمة    حماية العلامات التجارية في السعودية    تَذكُّرُ النِّعم    لا مواقع لأئمة الحرمين والخطباء في التواصل الاجتماعي    التصلب الحدبي.. فهم واحتواء    القبض على (5) باكستانيين في الرياض لترويجهم (74) كلجم من مادة (الشبو) المخدر    فرع وزارة البيئة بنجران يواصل فعاليات أسبوع البيئة 2025، "بيئتنا كنز"    الامير جلوي بن عبدالعزيز" يرعى حفل تخريج 3747 طالبًا وطالبة    Bitcoinينافس الذهب في الصعود    2.02 تريليون ريال قيمة صفقات التركزات الاقتصادية    4 ملايين ريال لتمويل 82 علامة سعودية    نحو فتاة واعية بدينها، معتزة بوطنها: لقاء تربوي وطني لفرع الإفتاء بجازان في مؤسسة رعاية الفتيات    فرع وزارة الموارد البشرية والتنمية ينظم فعالية اليوم العالمي للتوحد    "واعي جازان" يحتفي بروّاد العطاء ويُكرّم شركاء النجاح    كشمير: تعزيزات أمنية واسعة ومطاردة منفذي هجوم بيساران    القادسية يتعادل إيجابياً مع الخليج في دوري روشن للمحترفين        أمير المنطقة الشرقية يرعى حفل تخريج الدفعة ال55 من طلاب وطالبات جامعة الملك فهد للبترول والمعادن    أمير تبوك يهنئ نيوم بمناسبة صعوده لدوري روشن للمحترفين    بعد أن يرحل الحريد.. ماذا تبقى من المهرجان؟ وماذا ينتظر فرسان؟    أمير الرياض يدشّن مشروعات تنموية في الخرج بتكلفة 47 مليون ريال    افتتاح جناح مدينة الرياض بمعرض بوينس آيرس الدولي للكتاب    أمير تبوك يستقبل الفائزين في معرض جنيف الدولي للاختراعات    بخبرة وكفاءة.. أطباء دله نمار ينقذون حياة سيدة خمسينية بعد توقف مفاجئ للقلب    الأمير محمد بن ناصر يرعى انطلاق ملتقى "المواطَنة الواعية" بتعليم جازان    أمير الحدود الشمالية‬⁩ يدشّن مشروعات صحية بأكثر من 322 مليون ريال    الداخلية: 50,000 ريال غرامة بحق كل مستقدم يتأخر عن الإبلاغ عن مغادرة من استقدمهم في الوقت المحدد لانتهاء تأشيرة الدخول    بيان مشترك في ختام زيارة رئيس وزراء جمهورية الهند للسعودية    ترند اليوم لا تتذكره غدا في هيئة الصحفيين بمكة    سفراء الوطن يحصدون الجوائز العالمية    مؤتمر مكة للدراسات الإسلامية.. فكر يبني وانسانية تخدم    مصر ولبنان يطالبان بتطبيق القرار 1701 دون انتقائية    فريق عمل مشروع توثيق تاريخ كرة القدم السعودية ينهي أعماله    إعلاميون ل"البلاد": خبرة الهلال سلاحه الأول في نخبة آسيا    رئيس وزراء جمهورية الهند يغادر جدة    الأردن يستعد لكشف تفاصيل جديدة عن "خلية الإخوان"    استمرار تحمل الدولة رسم تأشيرة عمالة مشروع «الهدي».. مجلس الوزراء: إنشاء غرفة عمليات لاستقبال ومعالجة بلاغات الاحتيال المالي    معرّفات ظلامية    مؤتمر القصيم لطب الطوارئ يختتم أعماله    ما الأقوى: الشريعة أم القانون    موجبات الولادة القيصرية وعلاقتها بالحكم الروماني    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



حبر وملح - الصافي وديع
نشر في الحياة يوم 18 - 10 - 2013


صوته كأنه من أثر الجنة الباقي في بني آدم.
في حنجرته حشد ملائكة وجوقة حساسين.
على المحيا مهرجان طفولة وبراءات كثيرة.
لم يكن وديع الصافي مطرباً عادياً، بل كان استثناءً منذ طفولته حيث ظهرت موهبته في عمر السنتين قبل أن تتبلور تباعاً وتُصقل على مر السنوات والأغنيات ليغدو صاحبها علماً من أعلام لبنان والمشرق العربي مؤكداً ما للصوت من عظيم أثر في بني البشر، خصوصاً أن محبيه وعشاق صوته توزعوا على فئات وشرائح اجتماعية مختلفة ولم يقتصروا على فئة دون سواها. صحيح، نستطيع القول أنه كان فناناً شعبية بكل ما تعنيه الكلمة من انتشار، لكن كان للنخبة دائماً منه نصيب.
يحار المرء من أي باب يدخل الى عالم وديع الصافي، فالأبواب كثيرة وكذلك الحالات والمراحل التي مثّلها ومر بها منذ تقدم الى ذاك الامتحان الاذاعي ليذهل اللجنة الفاحصة بأدائه وقوة صوته الذي يغطي مساحات لا يستطيعها إلا صاحب حنجرة استثنائية مثله، مروراً بتعاونه مع الكبار في ثنائيات حفرت لها مطرحاً لا ينسى في الذاكرة الجماعية للبنانيين والعرب الذين حفظوا الحوارات الغنائية بينه وبين أنداده، وصولاً الى أغنياته المنفردة التي باتت أشبه بالنشيد الوطني لبلد يعذبه ساسته ويبلسم مغنوه جراحاته الكثيرة، وانتهاءً بثنائيات جديدة مع فنانين من الأجيال اللاحقة.
لا نبالغ حين نقول ان أغنيات وديع الصافي صارت بمثابة نشيد وطني، اذ قلما نجد فناناً غنى لبنان مثلما فعل الصافي الذي أمسى رمزاً وطنياً على رغم أن قسوة الحرب اللبنانية أجبرته على الهجرة أسوة بكثير من اللبنانيين الذين جابوا أصقاع الدنيا بحثاً عن وطن بديل فما وجدوه إلا في وطنهم الأم أو في أغنيات وديع الصافي وفيروز وصباح ونصري شمس الدين وسواهم من صنّاع الوجدان الجمعي. سواء في اقامته أو مهاجره ظلت أغنيات الصافي نشيداً يحفظه الجميع عن ظهر قلب ويرددونه في الأفراح والليالي الملاح على قلتها.
في الاقامة كان الصافي يحضّ اللبنانيين على التمسك بأرضهم وعلى عدم المغادرة هاتفاً بأسماء المدن والقرى واحدة واحدة منشداً «يا بيت صامد بالجنوب» في عز المواجهة مع الاحتلال الاسرائيلي، وفي المهجر كان يدعو المغتربين الى العودة أو الى عدم نسيان وطنهم الأم وكانت حفلاته تتحول مهرجانات شوق وحنين الى «قطعة السما» المسماة لبنان.
لم يكن وديع الصافي يتشدد كثيراً في اختيار كلمات أغنياته، هو الذي غنى لشعراء كبار مثلما غنى لناشئين ومغمورين، اذ كان شديد الثقة بصوته وإمكانياته بحيث لو أراد انشاد «كلام الجرايد» لحوّله الى غناء جميل.
فمن يدقق في كلمات كثير من أغنياته يجد أنها عادية جداً وأحياناً أقل من عادية لكن الصوت الاستثنائي للفنان الاستثنائي جعلها خالدة ومنحها من سحره وسطوته على السامعين، ومع ذلك يظل النقاد قادرين على التمييز بين روائع مثل «ولو» و»يا عصفورة النهرين» وسواهما، ونذكر هاتين الأغنيتين على سبيل المثال لا الحصر اذ إن الجعبة الوديعية ملأى بالدرر الثمينة.
على رغم الثقة الشديدة التي كان يمتلكها الصافي حيال صوته وإمكانياته الابداعية، إلا أنه لم يُصب يوماً بالتعالي أو بالغرور وظل على بساطة ابن الريف الجبلي متحلياً بميزة التواضع التي هي تاج كل المبدعين الحقيقيين.
لقد سنحت لي الفرصة وحاورته تلفزيونياً أكثر من مرة، وفي كل مرة كنت أعيد اكتشاف الخامة البسيطة التي ينسج منها وديع الصافي شخصيته، فالى التواضع ثمة الخفر والرقة والدماثة وصفات أخرى كثيرة جعلت روحه الحلوة أقرب الى روح طفل تجاوز التسعين من عمره ثم مضى تاركاً ابتسامة رضى وروائع لن تنسى على مر الأيام والأحلام.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.