توفي المطرب اللبناني وديع الصافي مساء الجمعة عن 92 سنة، إثر وعكة صحية استدعت نقله إلى أحد المستشفيات قرب بيروت حيث ما لبث أن فارق الحياة. وستنظم جنازة الراحل بعد ظهر غد في كاتدرائية مار جرجس في وسط بيروت. وإضافة إلى الجنسية اللبنانية يحمل الصافي، واسمه الحقيقي وديع فرنسيس، ثلاث جنسيات هي المصرية والفرنسية والبرازيلية. ترك صاحب «أغنية لبنان يا قطعة سما» مئات الأعمال التي طبعت في ذاكرة أجيال من اللبنانيين، وغنى على مدى أكثر من سبعين سنة الحب والوطن، هو الذي ظل حتى آخر أيامه وعلى رغم تقدمه في السن يقف على المسرح يشجع المواهب الجديدة ويشارك المغنين المعروفين في إحياء الحفلات. صدح صوت وديع الصافي الذي يعتبر الصوت الذكوري الأجمل في تاريخ لبنان في أهم مسارح العالم، غنى المواويل والميجانا والعتابا، والفولكلور اللبناني والطرب، وكانت حنجرته الذهبية مثالاً يحتذى وطريقة أدائه مدرسة للأجيال التي أعقبته، ولا تزال أغنياته المعروفة تتردد في الإذاعات والبرامج التلفزيونية على غرار «لرميلك حالي من العالي» و «جايين» و «على الله تعود على الله» و «دقّ باب البيت عالسكّيت» وسواها. ولد وديع فرنسيس المعروف بوديع الصافي في عام 1921 في قرية نيحا في جبل لبنان. نشأ في عائلة كبيرة ومتواضعة مؤلفة من ثمانية أولاد. شارك في مسابقة غناء أقامتها إذاعة «الشرق الأدنى» التي عرفت لاحقاً بالإذاعة اللبنانية في عام 1938 ونال الجائزة الأولى منافساً أربعين متبارياً. ولشدة إعجاب لجنة التحكيم بصوته اتفق أعضاؤها على إطلاق اسم وديع الصافي عليه نظراً إلى صفاء صوته. وأثبت الصافي حضوره الفني في وقت قصير وكان للشاعر أسعد السبعلي دور مهم في نجاحه بفضل كلماته الشاعرية البسيطة والجميلة في آن واحد. غنى في بداياته «طل الصباح وتكتك العصفور»، وأثناء الحرب العالمية الثانية قام بجولة فنية في دول أميركا اللاتينية واستقر في البرازيل ثلاث سنوات ثم عاد إلى لبنان وقدم «عاللوما» التي كرست شهرته. أعجب به الموسيقي المصري الراحل محمد عبدالوهاب حين أنشد أمامه أغنية «ولو» في خمسينات القرن المنصرم. وسرعان ما انهالت عليه العروض. وقدم «عندك بحرية يا ريس». وفي الستينات، تعرف الصافي إلى ملحنين وممثلين مصريين، واستقر حوالى سنة في القاهرة، ليعود إلى لبنان ويشارك في أكثر من فيلم سينمائي مع نجاح سلام وصباح من بينها «غزل البنات» و «موال» و «نار الشوق». غنى للكثير من الشعراء والملحنين أشهرهم الأخوان رحباني، زكي ناصيف، فيلمون وهبي، عفيف رضوان، محمد عبدالوهاب وفريد الأطرش. ولكنه كان يفضل أن يلحن أغنياته بنفسه. كرمه أكثر من بلد ومؤسسة وجمعية وحمل أكثر من وسام استحقاق منها أوسمة لبنانية نالها في عهود الرؤساء كميل شمعون وفؤاد شهاب وسليمان فرنجية والياس الهراوي. ومنحه الرئيس إميل لحود وسام الأرز برتبة فارس. ومنحته جامعة الروح القدس في الكسليك دكتوراه فخرية في الموسيقى في عام 1991.