وإن تاهت خطاهم، فأي موطئ اعتلته أقدامهم ما زال روضة في ضيافة الرحمن، جباه بالعرق تنضح، وسيقان من الإعياء ترتجف، يسألون هذا، ويجيبهم ذاك، وبوصلة الاتجاهات في رؤاهم بلا مؤشر، تارة هم أفراد، وأخرى عوائل تتشابك أياديهم بأيادي الأطفال، وكل ما يوصف به «الأشعث الأغبر» يتأصل في كياناتهم، إلا أنهم يختلفون عنه - والحال ينطبق على الكل -، أنهم تائهون مبتسمون، كيف لا وهم تائهون في ضيافة الرحمن. رجال ائتمنهم خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز على خدمة نحو 1.5مليون حاج، لايألون جهداً في إرشاد من حادت خطاهم عن طريق يقصدون، لكنه الحال في واحدة من أكبر خطط إدارة الحشود عالمياً، كان أن أخبر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن فرادة نالها «الأشعث الأغبر» بأن لو أقسم على الله لأبره، وهم كذلك، بل وزادوا فرادةً بالابتسام، هنيئاً لهم .. ضيوف الرحمن..ملبين ..ملبين..مهما تاهت الخطى..ملبين ..ملبين. كيف لا وهذا القصد من رحلة الفج العميق..كيف لا يبتسمون، والله جلّ في علاه يباهي بجمالهم الأبيض المتساوي غيرهم من الخلق. وإن تاهت خطاهم فما زالوا في ضيافة الرحمن، لبوا النداء مطيعين خاضعين راضين... ومبتسمين.