في وقت رفضت جماعة «الإخوان المسلمين» وساطة للمصالحة مع الحكم الانتقالي في مصر قادها المفكر الإسلامي أحمد كمال أبو المجد، معتبرة أنه «منحاز للانقلاب»، استنفرت السلطات لاحتواء التظاهر في الميادين خلال عيد الأضحى وأغلقت عدداً من الميادين الرئيسة أمس. وعُلم أنها قررت حظر إقامة صلاة العيد في الميادين خشية تحولها إلى تظاهرات لمؤيدي الرئيس المعزول محمد مرسي. في موازاة ذلك، عثر ضباط قسم شرطة في محافظة الإسماعيلية على ضابط سابق في الجيش الأميركي كانت الأجهزة الأمنية أوقفته في شمال سيناء في نهاية آب (أغسطس) الماضي، مشنوقاً في معتقله. ورجحت وزارة الداخلية «انتحاره» برباط حذائه. وكان جيمس هنري أوقف خلال عملية تمشيط أعقبت تفجير سيارة مفخخة أمام قسم شرطة مدينة الشيخ زويد التي تشهد مواجهات شبه يومية بين قوات الأمن ومسلحين بتهمة «خرق حظر التجول». وأعلنت وزارة الداخلية آنذاك أنها عثرت في حوزته على «خرائط وصور لمنشآت مهمة». وعلمت «الحياة» أن نيابة عسكرية باشرت التحقيق مع هنري وأحالته على محكمة عسكرية قررت حبسه لمدة 30 يوماً. وقالت وزارة الداخلية في بيان أمس ان ضابطاً مناوباً «اكتشف خلال مروره على الحجز الإداري في القسم المودع فيه المواطن الأميركي بمفرده، انتحار الأخير عن طريق الشنق على باب حمام الحجز». ولفتت إلى أن نائب القنصل الأميركي زار المتهم في المعتقل الثلثاء الماضي «وأشاد بحسن معاملته». وكانت جماعة «الإخوان» أعلنت أمس فشل وساطة أبو المجد لحل الأزمة السياسية، وشددت على تمسكها ب «عودة الشرعية الدستورية»، ورفض الاعتراف بخريطة الطريق التي وضعها الجيش وقوى سياسية ومجتمعية عقب عزل مرسي، فيما أمرت السلطات القضائية أمس بتجديد حبس الرئيس المعزول شهراً على ذمة التحقيق معه في قضية فراره من سجن وادي النطرون، كما قررت إحالة قضية اتهامه ب «التخابر مع حركة حماس» على نيابة أمن الدولة العليا. وقبل إعلان «الإخوان» رفض مبادرته، قال أبو المجد عقب لقاء مع رئيس لجنة تعديل الدستور عمرو موسى أمس إنه ينتظر «قراراً صريحاً من الإخوان في شأن المبادرة». لكن القيادي في «الإخوان» الوزير السابق محمد علي بشر لم يمهله طويلاً، وأصدر بياناً وصفه فيه بأنه «وسيط منحاز إلى الانقلاب»، مؤكداً ترحيب جماعته «بأي مبادرة من أي طرف وأي جهة محايدة لا تتبنى رأي أحد أطراف الأزمة». وشدد بشر على أن «الشرط الوحيد الذي يشترطه التحالف الوطني لدعم الشرعية هو العودة إلى الشرعية الدستورية التي هي خيار الشعب المصري». ووجه انتقادات إلى أبو المجد، معتبراً أن الشروط التي أعلنها خصوصاً «الاعتراف بسلطات الحكم الثوري القائم» ووقف التصعيد «لم تناقش ولم تذكر مطلقاً (خلال اللقاء معه قبل أيام)، وهي ليست مقبولة أصلاً لأن تكون بداية لحوار حقيقي». ورأى أن «القبول بهذه الشروط يعد تحيزاً لطرف من الأطراف واعترافاً بالانقلاب الذي تم، وهو الأمر غير المقبول جملة وتفصيلاً». واعتبر أن «انحياز الوسيط لطرف دون آخر يقوض جهود الوساطة». وأصدرت أسرة الرئيس المعزول أمس بياناً قالت فيه انه «صامد وثابت لآخر نفس، ولن يتراجع عن الشرعية، ولن يهزمه اختطاف قسري أو محاكمات باطلة مضحكة تنتهك صحيح الدستور والقانون». وأضاف البيان الذي حمل توقيع أسامة الابن الأكبر لمرسي أن «الرئيس مهما أبعدوه لن يتراجع عن عودة المسار الديموقراطي، حتى لو كانت روحه ثمناً لمسار ديموقراطي ارتضاه الشعب ومنحه لنفسه، وحريات اكتسبها بعد عناء ودماء. لن يفرط بتراجع أو تفاوض أو حلول وسط، لا سيما بعد كل الشهداء والمصابين والمعتقلين والمفقودين». وشددت على أن «الرئيس لن تكسر إرادته التي هي من إرادتكم استقاها من صمودكم ونفاسة معدنكم، ولتستمر الثورة السلمية في ميادين مصر لا دفاعاً عن شخص رئيس لكن ذوداً عن وطن يخطف حاضره ويعبث بمستقبله من ثلة من أعداء الشعب». وتتجه السلطات إلى حظر صلاة عيد الأضحى في الميادين الكبرى ومنها ميدان التحرير تجنباً لحدوث اشتباكات بين الشرطة وأنصار جماعة «الإخوان» التي دعت إلى تأدية الصلاة في مختلف الميادين. وأغلق الجيش والشرطة أمس ميدان التحرير. كما أكدت مصادر في وزارة الداخلية أنها قررت منع إقامة الصلاة في ميداني النهضة ومصطفى محمود في الجيزة، فيما سيبقى ميدان رابعة العدوية في مدينة نصر مغلقاً لتجديده. وكان التحالف الداعم لمرسي دعا أنصاره إلى «تأدية صلاة عيد الأضحى في طول البلاد وعرضها شرقها وغربها وفي كل ميدان وكل ساحة للصلاة». وفي سيناء، تواصل استهداف الجنود من قبل الجماعات المسلحة، إذ جُرح مجند في الجيش لدى انفجار عبوة ناسفة في آلية عسكرية كانت تقله وزملائه في مدينة رفح الحدودية، كما أطلق مسلحون النار من أسلحة آلية صوب ركب للشرطة يضم حافلات عدة تقل جنوداً لنقلهم من رفح إلى العريش لقضاء عطلة العيد، وجُرح ثلاثة جنود، فيما فر الجناة بعد تبادل إطلاق النار مع قوة تأمين تابعة للجيش كانت ترافق الركب. وهدمت قوات الجيش بناية في رفح يشتبه بأنها تضم نفق تهريب إلى غزة.