لا يبتعد الجدال الدائر حول «الجنس» على الشاشات الصغيرة، والذي أطلقه عرض موجة جديدة من البرامج والمسلسلات الاوروبية والأميركية الحديثة الإنتاج، عن مثيلاته خلال السنين العشر الأخيرة، اي كلما اقترب التلفزيون من هذا المُحَرّم. فالمناصرون يعتبرون إن حَرج التلفزيون من الموضوع لا معنى له، بخاصة في هذا الوقت، وبعدما غيّرت شبكة الإنترنت للأبد، من الاتجاه التقليدي للحصول على المعلومة وحررتها من قيود المؤسسات، في حين يصرّ المناهضون لهذا الاتجاه الحميم في تقديم البرامج، على إنه قِلة خَيال واستغلال رخيص للمشتركين في هذه البرامج، بخاصة النساء. واللافت مع هذه البرامج الجديدة، إن الذين يقفون خلف الترويج لها، خططوا بعناية للعب على الإنفعالات القوية، فالقناة البريطانية الرابعة «CH4»، اختارت فكرة غريبة كثيراً لبرنامجها الجديد «صندوق الجنس»، بأن دعت أشخاصاً عاديين لممارسته مع شركائهم في الحياة، في صندوق وضع في الاستديو، ثم دعتهم للحديث عن التجربة تلك وحياتهم الجنسية عموماً مع خبراء نفسيين متخصصين بالجنس. لكنّ الذين يتابعون برامج القناة البريطانية المشاكسة، يعرفون جيداً، إنها لا يمكن أن تتخطى حدوداً، فرضتها أخلاقياتها المهنية وقوانين إعلامية بريطانية صارمّة. لذلك بدت مبالغة الضجة التي أثارها البرنامج الجديد في الإعلام البريطاني وعلى شبكات التواصل الإجتماعي، إذ لا يمكن أن تتجاوز القناة حدود التلفزيون الملتزم عند تعرضه لهذا الموضوع، من هنا جاءت الحلقة الأولى من البرنامج مُعمقة وجديةّ، بل يمكن تصنيف البرنامج، وبحذف «صندوق الاستديو»، بأنه واحد من أكثر البرامج التلفزيونية التي حاولت أن تحلل العلاقات الجنسية وتربطها بالعلاقات العاطفية، وكيف يمكن أن يصل الأزواج الى حياة جنسية مرضيّة وعقلانية، بعيداً من الصور المثالية او المتطرفة التي نشرتها الأفلام والمواقع الإباحية على شبكة الإنترنت. «الجنس» أيضاً موضوع مسلسل «ماسترز اوف سكس» الذي بدأت قناة «شوتايم» الأميركية بعرضه مع بداية دورة الخريف. «الجنس» هنا، صادف أن يكون موضوع البحث الطويل للعالم الإجتماعي والنفسي الأميركي المعروف وليام ماسترز، والتي كرّس لها حياته كلها. تنطلق أحداث المسلسل من عقد الخمسينات من القرن العشرين، عندما بدأ الطبيب الشاب في تناول هذه المنطقة الحساسة من البحث، ويُظهر المسلسل الحرج والرفض الذي قوبل به الطبيب من زملائه ومديريه. لكنّ المسلسل، المتميز باستعادته لأجواء الخمسينات، يواجه تحديات المشاهد الجنسية، وكيف يمكن أن يقدمها، ضمن صرامة أجواء البحث العلمي التي حدثت في سياقه. فالطبيب الشاب وليام ماسترز (أداء ممتاز للممثل البريطاني مايكل شين)، بدأ في تجارب مثيرة للجدل وقتها، على متطوعين لدراسة علاقة الإنفعالات الجنسية بالجسم البشري. وقدم المسلسل تلك المشاهد، ليقترح، ضمنياً، إن «الجنس»، كتجربة لا يمكن ألا تؤثر في المقربين من أجوائها، حتى لو تمت في مستشفيات، وتحت عنوان الدراسات العلمية! الجديّة التي تميز العملين السابقين، ربما لن تتوافر في برنامج المواعدة الجديد «آدم يبحث عن حواء» الذي تنوي شركة «ايوركس» الإنتاجية الهولندية تقديمه قريباً. البرنامج الذي واجه عاصفة من النقد، يريد أن يعيد أجواء الفيلم السينمائي الشهير «بلو لاغون»، فهو يشترط على المشتركين فيه التوجه عراة الى جزيرة نائية، من أجل مقابلة شريكة او شريك المستقبل من دون قيود الحضارة! ويؤكد فريق البرنامج، في البيان الصحافي الذي أصدرته الشركة، إن ما ينوون القيام به، هو فصل العري الجسدي عن موضوع الجنس، وأن المشاهد سينسى أن المشتركين في البرنامج لا يرتدون اي ملابس، وسيركز على العلاقة العاطفية التي يمكن ان تتطور بين المشتركين فيه!