في ظاهرة جديدة على الحياة الهولندية، تنتشر منذ أيام في شوارع المدن الكبرى إعلانات المسلسل الأميركي الجديد «غرفة الأخبار»، والذي يعرض على شاشة النسخة الأوروبية من قناة «HBO» (إتش بي أو) الأميركية بالتزامن مع عرضه في الولاياتالمتحدة. فلم يسبق أن قامت قناة تلفزيونية غير هولندية بالترويج لبرامجها الجديدة على هذا النحو، في إشارة إلى أن القناة الأميركية التي أطلقت بثها عبر الكابل الهولندي قبل أشهر قليلة فقط مصممة على الظفر بمكانة مهمة بين القنوات التي يستقبلها المشاهد الهولندي العادي. مسلسل «غرفة الأخبار» ليس فقط مهماً لجذب مشاهدين هولنديين جدد، هو أيضاً المسلسل الذي تراهن عليه قناة «إتش بي أو» لتحقيق نجاح أميركي تبدو اليوم في أمسّ الحاجة إليه بعد سنوات من الإخفاقات والنجاحات المتوسطة وبعض المشاكل. فهي أوقفت قبل أشهر قليلة مسلسلها «حظ» بعد الاحتجاجات التي واجهتها إثر مقتل بضعة جياد استعان بها المسلسل. كما أنها ِتواجه منذ سنوات منافسة قنوات أميركية تلفزيونية صغيرة، استلهمت تقاليد الحرية التي أفسحتها قناة «إتش بي أو» للعاملين فيها لاختيار قصص ومعالجات جريئة، والتي كانت وراء الاسم اللامع للقناة الأميركية في العقدين الأخيرين، لتقدم تلك القنوات مسلسلات حققت نجاحات مدوّية في الولاياتالمتحدة والعالم. رجل خلف الصورة يقف المؤلف الأميركي المعروف آرون سوركين (مبتكر المسلسل السياسي الشهير «الجناح الغربي» ومؤخراً فيلم «الشبكة الاجتماعية») خلف مسلسل «غرفة الأخبار»، وهو المسلسل الثالث له الذي يقدم فيه كواليس قنوات وبرامج تلفزيونية (بعد مسلسلي «ليلة الرياضة» و «استديو 60»). لم يحظ المسلسلان الأخيران بنجاحات كبيرة، الأمر الذي يجعل عودة المؤلف إلى الموضوعة ذاتها في مسلسله الجديد محّيرة قليلاً. يدور مسلسل «غرفة الأخبار» حول شخصية مقدم الأخبار ويل ماكافوي (يلعب دوره الممثل جيف دانيالز)، والذي يقدم نشرة الأخبار الأهم في القناة التلفزيونية الكبيرة التي يعمل فيها. مع المذيع المعروف سنتعرف في الحلقات الأولى إلى فريق إنتاج وتحرير النشرة الأخبارية، وكذلك إلى المنتجة التي تلتحق في الحلقة الأولى بفريق البرنامج، لنكتشف بعدها أن لها علاقة عاطفية سابقة مع المذيع المشهور، وهي ليست العلاقة العاطفية الوحيدة في المسلسل فالحب والهجران يخيمان على الاستديو التلفزيوني. ومع المشاكل الخاصة لفريق نشرة الأخبار، نتبع في كل حلقة قصة إخبارية يتم تسليط الانتباه عليها بنشرة الأخبار، ونراقب كيف يعالج فريق العمل هذه الموضوعة. وعلى رغم أن المسلسل يعود إلى قضايا إخبارية شغلت الرأي العام في الولاياتالمتحدة والعالم في السنوات القليلة الماضية ليقدمها في نشرات أخباره ويتابع في الوقت ذاته الجدل الذي يثيره تقديم هذه الموضوعات بين فريق العمل، إلا أن «غرفة الأخبار» يبدو متأخراً بروحه عقوداً عدة. فزمن المذيع الأميركي الذي يهمين بشخصيته على التلفزيون ولّى منذ زمن طويل، ليبدو المسلسل وكأنه حنين لذلك الزمن الذي أفل مع نهاية عقد السبعينات بدلاً من أن يكون مسلسلاً معاصراً. فمذيعو الأخبار أو مقدّمو البرامج الإخبارية المعاصرين يتلقون تعليماتهم بالغالب عبر مايكروفونات صغيرة، وفسحة الحرية التي يتمتعون بها محدودة لحد كبير. كما أن الأهمية التي يوليها المسلسل للسبق الصحافي في النشرة الإخبارية التلفزيونية أيضاً مفهوم أصابه القِدم، بخاصة وسط المنافسة التي يواجها التلفزيون لا سيما برامج الأخبار بفعل الإنترنت ووسائط الإعلام الجديدة. الأمر الذي يؤثر كثيراً في أسس الدراما التي يقدمها المسلسل الجديد، علاوة على ذلك تتجه قصص الحب في المسلسل إلى التقليدية والدوران حول النقطة ذاتها لتقف عائقاً أحياناً أمام الثيمة الرئيسة للمسلسل بتقديم كواليس مطبخ الأخبار في قناة تلفزيونية في أميركا اليوم. مع ذلك يوجه المسلسل الانتباه لسياسات تحرير مؤسسة إعلامية عريقة، كالتي يقدمها مسلسل «غرفة الأخبار»، والطريق الذي تقطعه قصة إخبارية ما للوصول إلى المشاهد أو تعثرها بسبب ضغوط خارجية ومصالح متنوعة، وهو الأمر الذي ربما يزيد وعي مشاهد فضولي بما يحصل داخل مؤسسة إعلامية.