بدأت أمس القمة السنوية لمنطقة آسيا المحيط الهادئ في جزيرة بالي الأندونيسية فيما تبدو الآفاق الاقتصادية العالمية قاتمة مع استمرار الشلل حول الموازنة الأميركية. والرئيس باراك اوباما هو الغائب الأكبر عن هذه القمة المهمة لقادة «منتدى التعاون لآسيا المحيط الهادئ» (أبيك) التي تمثل أكثر من نصف الثروة العالمية. وأُرغم أوباما على إلغاء مشاركته بسبب الأزمة في واشنطن المستمرة منذ أسبوع. وأثار غيابه قلق حلفاء الولاياتالمتحدة في المنطقة وشكوكاً في قدرته على تنفيذ وعوده بجعل آسيا المحيط الهادئ محور سياسته الخارجية. ويعرقل عدم مشاركته أيضاً جهود واشنطن للموافقة قبل نهاية السنة على الشراكة عبر الأطلسي، اتفاق التبادل الحر الذي سيضم 12 دولة من المنتدى باستثناء الصين. وغياب الرئيس الأميركي يطلق يد الرئيس الصيني شي جينبينغ الذي بدأ حملة لاستمالة دول المنطقة. واكد وزير الخارجية الأميركي جون كيري الذي اضطر لأن يحل مكان أوباما أن غياب الرئيس «لا يؤثر البتة» على الالتزام الأميركي في آسيا. لكن بعض قادة المنطقة يشيرون بقلق إلى أن الرئيس الأميركي هو أحد القادة النادرين في آسيا المحيط الهادئ الغائب بين الدول ال 21 الممثلة. واستبعد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، تعافي الاقتصاد العالمي بشكل سريع، لافتاً إلى أنه خلال العام الماضي طرأت مجموعة من التغييرات في العالم، وأن المرحلة الحادة من الأزمة الاقتصادية العالمية يتم التغلّب عليها. ونقل موقع (الكرملين) عن بوتين، قوله في كلمة أثناء الجلسة العامة لقمة «آبيك»، أن «جزءاً كبيراً من الأزمة جرى التغلّب عليه». وتعتمد الدول الصغيرة في جنوب شرق آسيا، كفيتنام أو الفيليبين على الولاياتالمتحدة لمواجهة طموحات بكين التوسعية في جنوب بحر الصين. وتطالب الصين بكل هذه المنطقة تقريباً الغنية بالمحروقات. وقال رئيس وزراء سنغافورة لي هسيان لونغ أول من أمس: «لا يمكن أحداً أن يحل مكان الولاياتالمتحدة. لا الصين ولا اليابان ولا أي دولة عظمى أخرى». وتؤجج الأزمة في واشنطن واحتمال العجز عن التسديد في حال لم يجر التوصل إلى اتفاق حول رفع سقف الدين الأميركي، القلق بشأن الاقتصاد العالمي الذي يواجه أصلاً مشاكل. وأكد وزراء التجارة والخارجية لدول «آبيك» في بيان مشترك نشر قبل القمة، أن «النمو العالمي ضعيف جداً. والأخطار لا تزال قائمة والآفاق الاقتصادية توحي بأن النمو أضعف وأقل توازناً على الأرجح مما هو مرتقب». ووفق مسودة البيان الختامي للقمة، التي تنهي أعمالها اليوم، يُتوقع أن يدعو القادة إلى «سلسلة إصلاحات بنيوية ترمي إلى زيادة الإنتاجية ومشاركة اليد العاملة وإنشاء الوظائف». وحذرت وزيرة التجارة الأميركية بيني بريتزكر أول من أمس، من أن الشلل في الموازنة «يؤثر على الأعمال وعلى قدرات المؤسسات في الحصول على معلومات» داعية إلى حل سريع. وقد تكون مفاوضات الشراكة عبر المحيط الهادئ ضحية أخرى لغياب أوباما الذي كان سيلقي بثقله لإعطاء دفع للملف. وأقر رئيس الوزراء الماليزي نجيب رزاق بأن المهلة التي حددتها واشنطن للتوصل إلى اتفاق في نهاية السنة طموحة جداً. وقال أول من أمس: «إنه جدول زمني ضيق جداً. نشعر بأن الأمر يستلزم وقتاً أطول». والشراكة عبر المحيط الهادئ التي ستضم 40 في المئة من إجمالي الناتج الداخلي العالمي ستجمع اليابان وأستراليا وبروناي وكندا وتشيلي وماليزيا والمكسيك ونيوزيلندا والبيرو وسنغافورةوالولاياتالمتحدة وفيتنام. وكانت بكين تعارض أصلاً هذا المشروع الذي أُطلق بمبادرة أميركية لكن موقفها تبدل، ما أعاد الأمل إلى شركائها التجاريين.