توارت صباح أمس احتجاجات نظمتها جماعة «الإخوان المسلمين» في مصر خلف مشهد احتفال عشرات الآلاف في ميدان التحرير بالذكرى الأربعين ل «نصر أكتوبر». لكن إصرار مسيرات أنصار الرئيس المعزول محمد مرسي على دخول الميدان المكتظ بمعارضيه سبب اشتباكات بين «الإخوان» من جهة والأهالي والأمن من جهة أخرى سقط فيها قتلى وجرحى. ويبدأ اليوم الرئيس المصري الموقت عدلي منصور أولى جولاته الخارجية بزيارة إلى المملكة العربية السعودية يستقبله خلالها خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز، قبل أن يتوجه إلى الأردن. وقال الناطق باسم الرئاسة ان وزير الخارجية نبيل فهمي ومجموعة من كبار مستشاري منصور سيرافقونه خلال الجولة، مشيراً إلى أن الرئيس «سيعبر لخادم الحرمين الشريفين عن شكر وتقدير مصر، قيادةً وشعباً، للموقف المبدئي للملكة التي ساندت إرادة الشعب على المستويين السياسي والاقتصادي». وقدرت وزارة الصحة في إحصاء أولي ضحايا مواجهات يوم امس ب 28 قتيلاً وأكثر من 100 جريح، 26 منهم في القاهرة واثنان في محافظتي بني سويف والمنيا جنوب مصر. وقالت وزارة الداخلية إنها تعاملت «بحزم وحسم مع مثيري الشغب الذين يحاولون إفساد احتفالية الشعب بنصر أكتوبر وتصدت للجماعات التي تحاول التسلل إلى الميادين الرئيسة». وجرت اشتباكات عنيفة بين الشرطة و»الإخوان» خصوصاً في شارع التحرير في حي الدقى وأمام مسجد الفتح في ميدان رمسيس. وشوهد مسلحون بأسلحة آلية قرب أنصار مرسي يطلقون النار صوب قوات الشرطة في رمسيس والدقي. وأوقف مئات من المتظاهرين من جماعة «الإخوان» حركة سير قطارات مترو الأنفاق في مناطق عدة، بعدما افترشوا قضبان القطارات قبل أن يتصدى لهم ركاب المترو وشرطة النقل. في موازاة ذلك، احتشد عشرات الآلاف منذ الصباح في ميدان التحرير في قلب القاهرة للاحتفال. وتزين الميدان بمئات الأعلام المصرية ووضعت قوات الشرطة بوابات إلكترونية عند مداخله للتأكد من عدم حمل المتظاهرين أسلحة، واصطفت عشرات من آليات الجيش والشرطة عند مداخل الميدان لتأمين الاحتفالات. ورفع المتظاهرون أعلام مصر وصوراً لوزير الدفاع الفريق أول عبدالفتاح السيسي الذي تصدرت صورة ضخمة له واجهة مجمع التحرير المطل على الميدان، وردد المتظاهرون هتافات مؤيدة للجيش والسيسي، وتنتقد حكم جماعة «الإخوان» ومرسي. وزدات أعداد المتظاهرين مع غروب الشمس ليكتظ الميدان بالمتظاهرين المؤيدين للجيش، وسط إطلاق كثيف للألعاب النارية، ولوحت الحشود لطائرات الجيش التي نفذت عروضاً جوية في سماء القاهرة وطافت ميدان التحرير مرات عدة. وزارت الفرق الموسيقية التابعة للجيش والشرطة الميدان، وعزفت مقطوعات موسيقية وسط ترحيب المتظاهرين. وتجمع آلاف آخرون في محيط قصر الاتحادية الرئاسي، ولوحوا بأعلام مصر وصور الفريق السيسي وسط عروض بالطائرات في سماء حي مصر الجديدة. في المقابل، تجمع بضعة آلاف من أنصار الرئيس المعزول محمد مرسي بعد صلاة الظهر أمام مساجد عدة في أحياء القاهرة، ونظموا مسيرات اتجهت صوب ميدان التحرير، رغم امتلائه بعشرات الآلاف من معارضي «الإخوان» ومرسي، ما أثار مخاوف من حدوث مصادمات دامية في حال تمكنوا من دخول الميدان الذي انتشرت فرق استطلاع من المتظاهرين عند أطرافه لرصد وصول أي من مسيرات «الإخوان» إليه. وتوجه «الإخوان» صوب ميدان التحرير من اتجاهات مختلفة، في ما بدا أنه تكتيك لإرهاق قوات الشرطة التي كانت مستنفرة عند كل مداخل الميدان لمنع وصول أنصار مرسي إليه. وتحركت صوب الميدان مسيرات من حي الدقي بعد اشتباكات عنيفة مع الأهالي استخدمت فيها زجاجات حارقة وأسلحة خرطوش، لتشتبك مع قوات الشرطة في نهاية شارع التحرير المؤدي إلى جسر قصر النيل المطل على ميدان التحرير. وأطلقت قوات الشرطة عشرات من قنابل الغاز المسيل للدموع وطلقات الصوت في الهواء لتفريق المسيرة، ما أدى إلى سقوط قتلى وعشرات الجرحى. وألقت الشرطة القبض على آخرين، وتحولت المنطقة إلى ساحة للكر والفر بين المتظاهرين والأمن. وتوجهت مسيرة أخرى من حي المنيل إلى الميدان، فتصدت لها قوات الشرطة عند مدخل شارع القصر العيني، وأطلقت قنابل الغاز المسيل للدموع، فيما أحرق «الإخوان» إطارات سيارات لتتصاعد ألسنة اللهب، قبل أن تتفرق المسيرة. ووقعت اشتباكات مماثلة عند كورنيش النيل قرب ميدان التحرير مع مسيرة ل «الإخوان» قدمت من حي المعادي وسعت إلى دخول الميدان. ووقع أعنف الاشتباكات في ميدان رمسيس وسط القاهرة، حيث تجمع نحو ثلاثة آلاف من أنصار مرسي من أحياء مدينة نصر ومصر الجديدة والعباسية، وقطعوا الشارع الرئيس أمام مسجد الفتح، لتدور حرب شوارع بين المتظاهرين وأهالي المنطقة التجارية والعاملين في متاجرها، استخدمت فيها الحجارة والزجاجات الحارقة، قبل أن تتدخل الشرطة لتطلق الرصاص في الهواء وقنابل الغاز المسيل للدموع لتفريق الحشود وتُلقي القبض على عشرات من أنصار مرسي أشعلوا النار في إطارات السيارات. واشتعلت حدة المواجهات بين الأمن و»الإخوان» مساء مع تقارير عن ظهور مسلحين وسط المتظاهرين، ما أسقط عدداً من القتلى والجرحى، غالبيتهم في القاهرة.