أقر الرئيس السوري بشار الأسد أمس بارتكاب «بعض الأخطاء» في التعامل مع الاحتجاجات منذ انطلاقها في بداية 2011، لكنه أكد انه لن يتفاوض مع المسلحين إلا بعد ان يضعوا أسلحتهم، قائلاً إن روسيا تسانده اكثر من اي وقت مضى. وقال الاسد في مقابلة مع مجلة «ديرشبيغل» الالمانية نُشرت امس: «كلما تتخذ قرارات سياسية، تحصل أخطاء. (الأمر يحصل) في كل مكان في العالم. نحن مجرد بشر»، مضيفاً: «حصلت أخطاء شخصية ارتكبها أفراد. كلنا نرتكب الأخطاء، حتى الرئيس يخطئ». الا انه اعتبر ان «قراراتنا الاساسية كانت صحيحة». ورداً على سؤال عما اذا كانت المعارضة المسلحة مسؤولة عن «المجازر» التي وقعت خلال النزاع، وان القوات النظامية لا تتحمل اي مسؤولية في هذا السياق، أجاب: «لا يمكن في شكل قطعي ان نقول: هم يتحملون كامل المسؤولية ونحن لا نتحمل اي مسؤولية»، مضيفاً: «الواقع ليس ابيض واسود، ثمة ايضاً بعض المناطق الرمادية. لكن في شكل اساسي يصح القول إننا ندافع عن انفسنا». وزاد الأسد إن حكومته ربما تكون ارتكبت أخطاء من حيث شدة حملتها الأمنية في البداية. لكنه ما زال متمسكاً بقراره مكافحة «الارهاب» للدفاع عن سورية. ويصف النظام السوري مقاتلي المعارضة ب «الارهابيين» ويتهمهم بالحصول على دعم مالي ولوجستي من دول عربية وغربية. من جهة أخرى، يعتمد النظام السوري على دعم سياسي وعسكري من حلفاء ابرزهم روسيا وايران. وقال الأسد انه لا يعتقد ان من الممكن حل الصراع في سورية من خلال التفاوض مع المسلحين. وهي تصريحات قد تبدد الآمال بين القوى الغربية في ايجاد حل سياسي. وأضاف الأسد ان المعارضة السياسية لا يجب ان تحمل السلاح، وإنه اذا كان هناك من تخلى عن سلاحه ويريد العودة الى الحياة اليومية حينئذ يمكن مناقشة الأمر. وبدأ الصراع السوري كحركة احتجاجية سلمية على حكم عائلة الأسد المستمر منذ أربعة عقود، لكنه تحول إلى حرب شاملة بعد محاولة الحكومة إخماد الاحتجاجات بالقوة. وقُتل اكثر من 110 آلاف شخص في الصراع حتى الآن. وأقر مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة قراراً الاسبوع الماضي يطالب بالتخلص من الأسلحة الكيماوية السورية. وأيد خطة للانتقال السياسي في سورية، كان قد اتفق عليها في مؤتمر دولي في جنيف العام الماضي. وتحمل واشنطن حكومة الأسد المسؤولية عن الهجوم الذي وقع بغاز السارين السام على احدى ضواحي دمشق في 21 آب (اغسطس) الماضي وأودى بحياة مئات الأشخاص. وحملت الحكومة السورية وحليفتها روسيا مقاتلي المعارضة المسؤولية عن الهجوم. وقال الأسد إن الرئيس الأميركي باراك أوباما لا يملك اي دليل ولو ضئيلاً على ان الحكومة السورية استخدمت الأسلحة الكيماوية. وأضاف ان أوباما ليس لديه ما يقدمه سوى «أكاذيب». وزاد: «لم نستخدم الأسلحة الكيماوية، ومحاولة تصويري على أني رجل يقتل في شعبه خطأ كبير». وقارن موقف واشنطن بموقف الروس الذين يعتبرهم اصدقاء حقيقيين، قائلاً ان الروس يفهمون حقيقة ما يجري في سورية بشكل افضل وهم اكثر استقلالية من الاوروبيين الذين يميلون كثيراً نحو الولاياتالمتحدة. وتابع إن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين عازم اكثر من اي وقت مضى على دعم سورية لأنه يعرف من خلال محاربته للارهاب في الشيشان حقيقة ما تواجهه سورية على أراضيها. وقال الأسد انه ليس قلقاً على مصيره وهو ما دفعه للبقاء في دمشق خلال الصراع المستمر منذ عامين ونصف العام. وأضاف انه يشعر بأن الشعب السوري يقف وراءه بعدما رأى الدمار الذي خلفه المسلحون. وأضاف أن سورية ستجري الانتخابات الرئاسية قبل شهرين من انقضاء ولايته في منتصف العام المقبل. لكنه لا يستطيع ان يقول ما اذا كان سيرشح نفسه مجدداً. وقال انه إذا رأى ان ارادة الشعب لم تعد معه فلن يترشح. وأوضح الأسد ان الأزمة السورية سببتها قوى خارجية بخاصة مقاتلي تنظيم «القاعدة»، لافتاً الى وجود مقاتلين ينتمون لل «القاعدة» من 80 دولة، وإن هناك عشرات الآلاف من المقاتلين الذين تتعامل معهم الحكومة. واقترح الأسد ايضاً ان تضطلع المانيا بدور وسيط من اجل انهاء النزاع الذي اسفر عن سقوط اكثر من 115 الف قتيل خلال سنتين ونصف السنة. ورفض وزير الخارجية الالماني غيدو فسترفيلي هذه الفكرة اثناء زيارة الى افغانستان، مؤكداً ان بلاده تدعم المبعوث الدولي - العربي الاخضر الابراهيمي، وفق موقع «درشبيغل».