حرصت سويسرا على مساعدة تونس بعد ثورة «الربيع العربي» التي ما زالت البلاد تعيش مرحلتها الانتقالية، في وقت يتعطش غرب البلد لدعم مادي في معظم القطاعات، خصوصاً انه كان منسياً لسنوات طويلة. ويبدو أن النمو الاقتصادي الجيد نسبياً، إلى جانب امتلاك تونس بنية تحتية جيدة، وتشريعات حديثة خصوصاً في ما يتعلق بحقوق الإنسان والمرأة، ساعدا حكومة برن على التدخل سريعاً والتركيز أساساً على ثلاث مناطق هي العاصمة التونسية والمدن السياحية وجنوب البلاد، التي رزحت تحت أعباء الفقر في عهد الرئيس السابق زين العابدين بن علي. وبعد شهرين من انهيار نظام بن علي سارعت حكومة برن إلى ضخ أول دفعة من المساعدات المالية، إذ كان انهيار تونس مالياً سيشكل كارثة على أفريقيا الشمالية كلها تهدد الشراكات التجارية مع الدول الغربية القريبة. وعلى رغم أن المرحلة الانتقالية ما زالت عشوائية، إلا أن شراكة سويسرا مع تونس ستركز على دعم حقوق الإنسان والانتقال الديموقراطي، ودعم النمو الاقتصادي، وخلق فرص عمل والتعامل مع ظاهرة الهجرة غير الشرعية للشباب إلى أوروبا. ويصل الدعم المالي السويسري لتونس إلى 30 مليون فرنك (31.7 مليون دولار)، أي ضعف الدعم الذي سجلته وزارة الاقتصاد السويسرية والذي بلغ 16.3 مليون فرنك في كانون الثاني (يناير) 2012. وستستخدم 70 في المئة من المبلغ لدعم مشاريع تنمية الاقتصاد وخلق فرص عمل للشباب والخريجين، و30 في المئة لدعم المشاريع الصغيرة بمعدل 50 ألف فرنك لكل مشروع، ومن ضمنها مشاريع الصيد البحري في جزيرة جربة. ومن الأمور اللافتة، أن جزءاً من برنامج الدعم المالي السويسري يستهدف مساعدة محطات إذاعية في إعادة هيكلة أنشطتها وأعمالها عبر إعطائها أكثر من مليوني فرنك، لدورها في التوعية حول انتقال تونس إلى الديموقراطية. وعزا مراقبون اندفاع حكومة برن نحو مساعدة الحكومة التونسية بمبالغ مالية تتضاعف سنوياً، إلى رغبة سويسرا في الحد من ظاهرة التونسيين الذين يطلبون حق اللجوء السياسي، بعدما بلغ عددهم نحو 2300، أكثر من 30 في المئة منهم يعملون في أنشطة غير شرعية، مثل بيع المخدرات في المدن، خصوصاً في الكانتونات التي تتحدث الفرنسية.