بدأت تظهر على قطاع العقارات في تونس مؤشرات الإرهاق، على رغم أنه الوحيد الذي لا يزال منتعشاً بعد الأزمة الاقتصادية التي أعقبت أحداث العامين الأخيرين، مهددة مصدر عيش مئات الآلاف من العمال. ويُعزى ازدهار القطاع على رغم الاضطرابات الاجتماعية والسياسية التي شلّت قطاعات الإنتاج الرئيسة، إلى كونه الملاذ الأكثر أماناً لمَن خافوا على ثرواتهم من تداعيات الثورة. وأدى الاستثمار الكثيف في العقارات إلى ارتفاع أسعارها في شكل لا سابق له وتزايد عدد الشقق الشاغرة. وأثار إعلان الحكومة أخيراً عزمها على إقرار ضريبة جديدة على العقارات نسبتها 1.5 في المئة من قيمتها، مخاوف المقاولين من تعثّر القطاع المقدّر حجم معاملاته السنوي بأكثر من 3 بلايين دولار. ويُرجح أن تكون لهذا الإجراء الجديد انعكاسات سلبية بين شركات المقاولات التي تعاني من ارتفاع أسعار المواد الأولية وكلفة اليد العاملة. ويؤمن القطاع العقاري 7 في المئة من الدخل الوطني لتونس متبوئاً المرتبة ذاتها لقطاع السياحة، ويستأثر ب 25 في المئة من الاستثمارات ويمنح فرص عمل لما يزيد على 40 ألف عامل و500 مهندس، وفق إحصاءات رسمية. وحضّ الخبير الاقتصادي هشام البديري، على «درس الانعكاسات المحتملة لزيادة الضرائب في القطاع قبل إدراج القرار في موازنة العام المقبل». وأكد أن الضريبة الجديدة «ستحمل المستثمرين على هجرة القطاع خصوصاً أنها تتزامن مع إلغاء الدعم على الكهرباء والغاز المنزليين، ما سيضاعف من الكلفة ويؤدي إلى زيادة التضخم». وفي سياق متصل، حذّر صندوق النقد الدولي من «تفاقم الأخطار التي يجابهها الاقتصاد التونسي خصوصاً في ظل الصعوبات التي تشهدها اقتصادات شركائها الرئيسيين». وتستأثر بلدان الاتحاد الأوروبي وتحديداً فرنسا وإيطاليا وألمانيا، ب 80 في المئة من مبادلات تونس مع الخارج. وأعلن الصندوق في بيان أصدره بعد زيارة بعثة من خبرائه إلى تونس، أن «الاضطرابات السياسية والاجتماعية والتحديات الأمنية ألقت ظلالها على تباطؤ النمو الاقتصادي وهو لن يصل إلى المستوى الذي توقعته الحكومة والبالغ 3 في المئة». وحصلت تونس في حزيران (يونيو) الماضي على موافقة الصندوق لمنحها مساعدة بقيمة 1.7 بليون دولار، لكن لم تُفعّل نتيجة التقلبات السياسية والمشاكل الأمنية في البلد، والتي أخّرت إخضاع الاقتصاد لمراجعة شاملة كان يُفترض أن تنطلق منتصف الشهر الماضي. وربط الصندوق منح قسط جديد من المساعدات لتونس ب «إنجاز المراجعة الشاملة المحتمل انطلاقها الشهر المقبل» وفق بيانه، وهي ستحدد الإجراءات الواجب اتخاذها للحد من عجز الموازنة وهشاشة الجهاز المصرفي. وحضّ على «إيجاد مؤسسات دائمة وتحديد مواعيد إجراء الانتخابات العامة». وفي مجال إنتاج النفط، استأنفت شركة «بتروفاك» البريطانية إنتاج النفط من محطتها البحرية في سواحل جزيرة قرقنة (وسط)، بعد احتجاجات أدت إلى تعطيل الإنتاج ثلاثة أيام. وقال مسؤولون في الشركة إن مواطنين «حالوا دون استثمار بئريْن جديديْن للغاز الطبيعي اكتُشفا أخيراً في الجزيرة، بعدما ادعوا أن الأنبوب يعبر أراضي في ملكهم».