إشباع رغبة الفضول، وحب الاعتماد على الذات، كانا دافعان قويان لها للخوض في مجال لم يألفه المجتمع، حتى أصبح يشار عليها بأنها شبية «الأولاد» وهي في مطلع عقدها الأول من العمر. «النساء، شقائق الرجال»، هذا ما قالته الشابة نجوى مراد، إذ لم تقتنع يوماً بأن هناك أعمالاً مهنية مقتصرة على الرجال دون النساء، فحبها لعمليات إصلاح الأجهزة الكهربائية والإلكترونية كبرا معها حتى بلغت من العمر عقدها الرابع. بدأت مشوارها بالتحدي والإصرار، حتى أصبحت تقف أمام الأجهزة من دون عجز، إذ مرنت يديها الأنثويتين على فك الأجهزة كالتلفاز، أجهزة الاستقبال التلفزيوني، أجهزة التسجيل، أجهزة الحاسب الآلي، والهواتف النقالة، إضافة إلى تصليح الأمور المتعلقة بالكهرباء من إضاءات وأسلاك التيار الكهربائي. وقالت نجوى خلال رواية قصتها ل «الحياة» والابتسامة مرسومة على شفتيها إنها منذ صغرها وهي تراقب أخاها الأكبر أثناء تصليحه لجهاز «الراديو»، حتى خاضها الفضول إلى تعلم كيفية إصلاح الأجهزة. وأضافت: «لم نعاصر الترفيه الذي يعاصره الأطفال في الوقت الحاضر، فلم يتوافر من المسليات في ذلك الوقت سوى القراءة، ما دفعني إلى مراقبة والدتي وهي تمارس الخياطة، ووالدي وأخي وهما يصلحان الأجهزة العاطلة، حتى تمرست المهنة». وتعلمت فن الإصلاح وهي ذات ال12 عاماً، في ظل مراقبة وتشجيع والدها ومخاوف والدتها، التي ما فتئت من نصائحها لكي تبتعد عن الكهرباء والأجهزة خوفاً عليها من حدوث مكروه، مشيرة إلى أنها تضررت في إحدى المرات حينما حاولت تصليح التلفاز الذي ينطق من دون صورة. تمنت أن تتخصص في دراسة الميكانيكا، ولكن «ليس كل ما يتمناه المرء يدركه»، إذ إن هذا المجال لم يخصص للفتيات واقتصر علمه على الشبان، باعتبار أنه لا يليق بأنوثة المرأة، وزادت: «أحب أن أتعلم هذه المهنة على أصولها، إذ إنني لم أستعن بأي مهندس إلا في أصعب الحالات، شريطة أن يعلمني كيف تم إصلاحه، أو إنني أقوم بفك الجهاز مرة أخرى لأعلم مكان الخلل». وذكرت (نجوى) إحدى القصص التي لا تنساها حينما نجحت في إصلاح غسالة الأطباق، بعد أن حكم عليها عدد من المهندسين بانتهاء صلاحيتها، إذ تمكنت من معرفة موطن الخلل وإصلاحه ما أبهر المهندسين من ذكائها، إضافة إلى قدرتها على فتح الخزانات والصناديق الحديدية، إذ كانت تتحدى من حولها على قدرتها في فتح الخزانات والشنط الرقمية. وإلى جانب زجاجات العطور وأدوات التجميل، تحتفظ (نجوى) بأنواع المفاتيح والمفكات والمسامير، لتضع كماليات منزلها بنفسها من تعليق لوحات فنية، براويز، أرفف، ستائر، وغيرها من الأمور المتعلقة بالمنزل، إضافة إلى تركيب أجهزة الاستقبال التلفزيوني وضبطه وبرمجته. ورغم حبها الشديد للميكانيكا إلا أنها لم تفقد أنوثتها، فهي زوجة وأم لأربعة أبناء، تمارس هواياتها الأنثوية من أعمال الخياطة وفنونها من «الكروشيه» و«السنارة». ولم يقف الطموح لدى نجوى عند الإصلاح والتعليق، إذ يراودها الفضول إلى تعلم مكانيكا السيارات، ما دفعها إلى فتح السيارة والتمعن في أجزائها والتعرف على تفاصيلها، قائلة: «لو سمح للمرأة بقيادة السيارة ستجدونني تحت السيارة كأول ميكانيكية سعودية».