بعد الرسم بالرمل والقهوة، وغيرها من التقنيات غير المألوفة، اتجهت الفنانة الفلسطينية الشابة أريج لاون لابتكار طريقة جديدة، وهي الرسم ب»دق حب الزيتون»، والتي جاءت تزامناً مع موسم قطافه. تحتاج العملية إلى صبر ودقة، فهي تخطط بقلم رصاص ما تريد رسمه على لوحة من القماش الأبيض، ومن ثم تبدأ باستخدام كميات كبيرة من الزيتون غير الناضج تماماً لتلوين الرسم الرصاصي بلون الزيت الأقرب إلى الذهب، حيث تضع حبة الزيتون، وتدقها، فيخرج القليل من الزيت على الخط المرسوم. وهكذا تستمر لاون في هذه العملية، حتى تفرغ من لوحتها، التي تحمل في طياتها قيمة معنوية، وفكرة مبتكرة، أكثر من كونها ذات قيمة فنية طاغية، وإن كان هذا لا يعني أنها ليست متقنة أيضاً، خصوصاً اللوحة المنقولة عن صورة فوتوغرافية شهيرة للمصور علاء بدارنة، صوّر فيها سيدة مسنة تحتضن شجرتها التي ينوي جنود الاحتلال اقتلاعها بعد صدور قرار تعسفي بمصادرة أرضها بما عليها من شجر زيتون لصالح مستوطنة إسرائيلية قريبة، وفاز عنها بدارنة بجائزة دبي للإعلام عن فئة التصوير الفوتوغرافي قبل سنوات. لاون، ابنة الناصرة، المعروفة بانحيازها في رسومها إلى التراث والهوية، تقول إن الفكرة من ابتكارها، وأنها أتت صدفة خلال موسم قطاف الزيتون، حين دقت حبة زيتون فأخرجت بقعة زيت على القماش أسفلها، فوجدت أنها مادة مبتكرة للخروج بلوحة عملاقة من خلال «دق حب الزيتون»، وبقع الزيت التي تخرج منها. ورسمت لاون لوحتين بهذه الطريقة: الأولى لوحة الحاجة اشتية، والثانية عبارة عن بورتريه لمسنة فلسطينية، لاقتناعها بأن المسنات الفلسطينيات رمز للأرض والتراث والهوية، والتي تشكل بمجموعها الثالوث الذي تعمل على تكريسه في جلّ أعمالها الفنية. وتخطط لاون للخروج بلوحات أخرى، على رغم أنها تستغرق وقتاً طويلاً، لتتوج في نهاية المطاف بمعرض يجمع الأعمال الفنية أو اللوحات المرسومة بطريقة «دق حب الزيتون»، والذي قد يكون منتصف الشهر الجاري موعداً له. وستستضيفه مدينة الناصرة، وقد ينتقل إلى مدن فلسطينية أخرى، علماً أنها لم تشارك بعد في معارض خارج بلدها. واختارت لاون، التي نشرت مقطعاً لرسم إحدى لوحاتها بهذه الطريقة عبر «يوتيوب»، الزيتون كونه «الذهب الأخضر لفلسطين، ورمز الهوية للانتماء، والتمسك بالأرض»، موجهة رسالة إلى الأجيال الشابة من أبناء بلدها بضرورة التمسك بالأرض، على رغم كل الصعاب التي يواجهها الفلسطينيون من الاحتلال والمستوطنين. وتشدد على ضرورة أن يكون «لكل فنان رسالة فنية يقدمها من وراء عمله، سواء أكانت سياسية أو مجتمعية»، وأنها تجسد في الرسم مخيلتها ومشاعرها، وأن لعامل الخيال، على رغم واقعية كثير من لوحاتها، دوراً كبيراً في أفكارها المبتكرة.