من المنتظر أن تنطلق في غضون هذا الأسبوع جلسات الحوار الوطني التي ستجمع أحزاب الائتلاف الحاكم الذي تقوده حركة «النهضة» الإسلامية بقوى المعارضة اليسارية والليبرالية، وذلك بعد قبول حزب «النهضة» بخريطة الطريق التي قدمها الاتحاد العام التونسي للشغل (أكبر منظمة عمالية في البلاد) لحل الأزمة السياسية التي تمر بها البلاد منذ اغتيال النائب المعارض للإسلاميين محمد البراهمي قبل أكثر من شهرين. وكان الاتحاد العام التونسي للشغل تلقى أول من أمس، رسالة من «النهضة» مفادها بأنها قبلت خريطة الطريق التي طرحتها المنظمات الراعية للحوار معبرة عن استعدادها للدخول الفوري في الحوار الوطني. وقال القيادي في اتحاد الشغل سامي الطاهري ل «الحياة» إن اتحاد الشغل والمنظمات الراعية للحوار الوطني «انطلقت في المشاورات والاتصال بالأحزاب السياسية والجمعيات والمنظمات الوطنية لتعيين تاريخ انطلاق الجولة الجديدة للحوار الوطني، مشيراً إلى أنّ الحكومة الحالية ستتعهد بالاستقالة إثر التوافق على الحكومة المقبلة. وتتضمن خريطة الطريق المقترحة من قبل اتحاد الشغل ومنظمات رجال الأعمال والمحامين وحقوق الإنسان «القبول بتشكيل حكومة كفاءات ترأسها شخصية وطنية مستقلة لا يترشح أعضاؤها للانتخابات القادمة لتحل محل الحكومة الحالية التي تتعهد بتقديم استقالتها، وتكون للحكومة الجديدة الصلاحيات الكاملة لتسيير البلاد». كما تشدد المبادرة على ضرورة التوافق على «شخصية وطنية مستقلة» لتولي رئاسة الحكومة. ورغم قبول الائتلاف الحاكم و»جبهة الإنقاذ» بمبادرة الاتحاد العام التونسي للشغل والاستعدادات الجارية لإطلاق الحوار الوطني، إلا إن هناك اختلافات في وجهات النظر في ما يتعلق ببعض القضايا السياسية وأهمها صلاحيات الحكومة المقبلة ومصير المجلس التأسيسي. فحركة «النهضة» تشدد على ضرورة أن تكون الحكومة تحت رقابة المجلس الوطني التأسيسي (البرلمان) الذي يحتفظ بدوره التشريعي، في حين تتجه «جبهة الإنقاذ» إلى منح الحكومة صلاحيات مطلقة بخاصة في الإنقاذ الاقتصادي والتصدي لظاهرة الإرهاب والتطرف بالإضافة إلى حصر مهمات المجلس التأسيسي في الانتهاء من الدستور والقانون الانتخابي وهيئة الانتخابات. غير أن هناك موضوعاً لم تتطرق إليه خريطة الطريق المقترحة وهو الموقف من منصب رئيس جمهورية، إذ ترغب حركة «نداء تونس» (الحزب الرئيسي في المعارضة) في أحداث تغيير في رئاسة الدولة باعتبارها «أداة تنفيذية وتتحمل جزءاً من المسؤولية في الأزمة التي تعيشها البلاد». لكن هذا الرأي لا يتحمس إليه حلفاء «نداء تونس» في «جبهة الإنقاذ» ولا الاتحاد العام التونسي للشغل. ويسوّق عدد من قيادات حركة «نداء تونس» لزعيمهم الباجي قائد السبسي الذي كان رئيساً للوزراء قبل الانتخابات كأفضل مرشح لهذا المنصب. وتناقلت الأوساط السياسية والإعلامية عدداً من الأسماء المرشحة لتولي منصب رئيس الحكومة المقبلة، غير أن الأحزاب والمنظمات الراعية للحوار الوطني لم تصرح رسمياً بأي اسم من بين الأسماء المطروحة بقوة في الساحة مثل وزير الدفاع السابق عبد الكريم الزبيدي الذي استقال من منصبه إثر اغتيال المعارض اليساري البارز شكري بلعيد في شباط (فبراير) الماضي. ويحظى الزبيدي، وهو قاضٍ، بقبول من المعارضة العلمانية والاتحاد العام التونسي للشغل، بالإضافة إلى أنه الوزير الوحيد الذي بقي في منصبه وزيراً للدفاع منذ سقوط حكم الرئيس السابق زين العابدين بن علي قبل أكثر من سنتين في حكومة الباجي قائد السبسي (علماني) وحكومة حمادي الجبالي (إسلامي).