تواصلت المشاورات بين مختلف الأطراف السياسية والاجتماعية في تونس لإيجاد حل للأزمة السياسية المستمرة منذ اغتيال النائب المعارض للإسلاميين محمد البراهمي قبل أكثر من شهر على ايدي سلفيين متشددين، على ما أعلنت وزارة الداخلية. وتطالب قوى المعارضة المتمثلة في جبهة الإنقاذ بحل المجلس الوطني التأسيسي (البرلمان) وإسقاط الحكومة التي تقودها حركة «النهضة» الإسلامية. وقد توصل الاجتماع الذي عقدته المنظمات الراعية للحوار (الاتحاد العام التونسي للشغل واتحاد رجال الأعمال وهيئة المحامين والرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان) مع قيادات التحالف الحكومي (أحزاب «النهضة» و «المؤتمر» و «التكتل») إلى اتفاق مبدئي يقضي بالبدء في حوار، وفق المبادرة التي تقدم بها الاتحاد العام التونسي للشغل (أكبر منظمة عمالية في البلاد) مطلع الأسبوع المقبل. وقال الأمين العام للاتحاد العام احسين العباسي ل «الحياة»، إن الاتفاق يقضي «بأن تتعهد حكومة علي العريض الاستقالة لطمأنة قوى المعارضة قبل الدخول في الحوار على أن تقدم استقالتها الفعلية بعد الاتفاق على تشكيل حكومة الكفاءات المحايدة» . وشدد حسين العباسي على أن القوى السياسية يجب أن تجلس إلى طاولة الحوار الوطني قبل بداية الأسبوع المقبل وأن تتفق على ملامح الحكومة الجديدة قبل نهاية الأسبوع الأول من أيلول (سبتمبر). ويظهر من خلال المشاورات واللقاءات المتتالية أن المحور الأساسي للنقاش هو استقالة الحكومة وتشكيل حكومة جديدة، في حين تم التنازل -عملياً- عن مطلب حل المجلس التأسيسي، لكن ذلك لم يمنع الأطراف المتحاورة من الاتفاق على ضرورة أن تقتصر مهام المجلس على الانتهاء من صوغ الدستور والمصادقة على القانون الانتخابي. إلى ذلك، أعربت حركة «النهضة» التي تقود الائتلاف عن موافقتها على استقالة حكومة علي العريض إثر الانتهاء من تشكيل حكومة كفاءات غير حزبية، وأكد عضو المكتب السياسي لحركة «النهضة» سامي الطريقي «انفتاحه على المقترحات التي تضمن عدم حصول فراغ في الحكم»، داعياً المعارضة إلى «الدخول الفوري في حوار يخرج البلاد من الأزمة التي تعيشها». ويرى مراقبون أن استجابة «النهضة» مطالب المعارضة جاءت نتيجة لقاء عقده الشيخ راشد الغنوشي مع رئيس حركة «نداء تونس» المعارضة الباجي قائد السبسي في باريس قبل أسبوع، والذي تم فيه الاتفاق على الانطلاق في الحوار بين الحزبين. وكان السبسي أكد في أحد اللقاءات أنه قدم إلى زعيم «النهضة» ضمانات بألا يتعرض الوزراء الحاليون للمتابعة القضائية في حال استقالة الحكومة. وقدمت «النهضة» تنازلات تفادياً للسيناريو المصري واشترطت ضمانات بعدم تتبع قادتها قضائياً، كما هو الحال بالنسبة إلى قيادات «الإخوان المسلمين» في مصر. ومن المنتظر أن تعقد المنظمات الراعية للحوار الوطني اجتماعاً مع مكونات «جبهة الإنقاذ» من أجل إقناعها بالدخول في الحوار لتشكيل حكومة كفاءات. وعلى رغم إعلان قوى المعارضة تأييدها الجهود التي يبذلها الاتحاد العام التونسي للشغل في التقريب بين وجهات النظر إلا أن القيادي في «جبهة الإنقاذ» المنجي الرحوي صرح ل «الحياة» بأن المعارضة «تعتزم التظاهر أمام قصر الحكومة من اجل إرغامها على الاستقالة».