ليس كبيوت الأثرياء، بل منزل في غاية التواضع، لا يوحي لزائره بأي نوع من «الأبهة»، إلا أن عبق الماضي و«القداسة» يضجان من بين جدرانه، ليحكي تاريخاً تليداً للمسلمين، يستمد عظمته من أقدس المهن «سدانة بيت الله العتيق». سادن الكعبة المشرفة عبدالقادر الشيبي كشف ل«الحياة» عن كثير من الأمور الخاصة بعمل «سدنة الكعبة المشرفة، ووضع السدنة المالي، وقضية تغيير مفتاح وقفل الكعبة المشرفة، والكثير من القضايا التي تكشف للمرة الأولى في الحوار الأتي: ما هو موضوع الصك الخاص بالسدانة، وهل فعلاً صلاحياتك كسادن للكعبة موقوفة بسبب هذا الصك؟ - تسلمت السدانة منذ ثلاثة أعوام، ول«بني شيبة» أحقية في امتلاك مفتاح الكعبة دون غيرهم، استناداً إلى حديث الرسول صلى الله عليه وسلم لبني شيبة (لا ينزعها منكم إلا ظالم)، وأقول ذلك رداً على اللغط الإعلامي الذي دار خلال الأيام القليلة الماضية حول تغيير مفتاح الكعبة المشرفة في غياب السادن. ولم أتسلم أي تعميد من جهات الاختصاص بخصوص تغيير قفل الكعبة، ولم يصدر لي حتى الآن أي تعميد خاص يعتمد اسمي وتوقيعي وختمي لدى الدوائر الحكومية والجهات الرسمية لتغيير القفل، و لا يوجد لي أي اعتماد لتوقيعي لدى جهات الاختصاص لاعتماده في الأمور المالية والتنفيذية رغم أنه مضى على تقلدي السدانة ثلاثة أعوام. تحدثت بعض وسائل الإعلام عن اتجاه لتغيير قفل الكعبة، ما مدى صحة ذلك؟ - لن نقبل إطلاقاً أي تغيير عن المألوف أو المتعارف عليه منذ القدم في شكل وأسلوب فتح الكعبة المشرفة، بل سيعتمد على مفتاح واحد ليس له نسخة لدى أي جهة، إلا في حال كان التغيير في نوعية المعدن الذي يصنع منه القفل والمفتاح، إن المفتاح ليس الغرض منه حماية الكعبة المشرفة، إذ إن «للبيت رب يحميه»، وهذا المفتاح إنما هو رمز لسدانة «بني شيبة» سدنة بيت الله الحرام ولن يتنازلوا عنه. حقيقة لا أعلم عن تناول وسائل الإعلام لموضوع تغيير قفل الكعبة بآخر جديد، ولم تبادر أي جهة رسمية بإبلاغي بذلك، ولو حدث ذلك فإن معاينة أو تغيير قفل ومفتاح الكعبة المشرفة يستوجب أخذ رأي السادن كحق شرعي، وأي إجراء غير ذلك يعد إسقاطاً لهذا الحق، وتدخلاً صريحاً في شؤون السدانة وشرعيتها، ويدخل تحت حديث الرسول «لا ينزعها منكم إلا ظالم». ما هي حقوق آل الشيبي من الكسوة، وهل يتم إهداؤها أم بيعها من قبلكم؟ - تتمثل واجبات السدانة في فتح وإغلاق الكعبة المشرفة، وغسلها من الخارج والداخل، وتلبيس ثوبها، إذ كان آل شيبة قديماً هم من يقومون بكل تلك الأمور، وبعد تلبيس الكعبة لثوبها الجديد كان الثوب القديم يعتبر ملكاً لنا، نأخذه لنستفيد منه سواء ببيعه أم بإهدائه، وذلك حق مشروع لنا، ورد في قوله صلى الله عليه وسلم «وكلوا منها بالمعروف». كان ذلك عندما كانت الكسوة تأتي من مصر والشام، إذ لم تكن هذه الدول تطالب بالكسوة القديمة ولكنها تتركها لبني شيبة لعلمهم بأحقيتهم للانتفاع بها، حتى عندما أنشأ الملك عبدالعزيز - رحمه الله - أول مصنع للكسوة أمر بمنح الكسوة كاملة لآل الشيبي، كما كان معمولاً به في السابق، إلا أن ذلك تغير في عهد الملك سعود - رحمه الله -، إذ صودرت الكسوة القديمة من أيدي بني شيبة وتم تعويضهم بمبلغ مالي وصل كحد أقصى إلي مليون ريال، ولم يزد منذ أكثر من 25 عاماً. هل يسمح لضيوفكم بدخول الكعبة؟ - لم يعد بني شيبة يستطيعون إدخال جميع ضيوفهم ولكن تم إعطاؤهم 100 كرت مقطوعة لدخول الكعبة المشرفة، ولا يمكن زيادتها إطلاقاً، حتى لو كان عدد الضيوف أو الوفد القادم للسادن نفسه أكثر من 100فرد، التصرف يكون في حدود 100 كرت فقط، وبقية الكروت تذهب لجهات أخرى. ونستقبل ضيوفنا الآن في منزلي الذي شريته من مالي الخاص خصيصاً لهذا الغرض، إذ كنت قبل ذلك أستأجر لزواري من الوفود الأجنبية في أحد الفنادق لأستقبلهم استقبالاً يليق بهم، ويتم توزيع الكروت الخاصة بدخول الكعبة عليهم هناك، ذلك أن منزلي القديم والذي كان مستأجراً لم يكن يكفي أو يليق باستقبال الضيوف، مع أنه في العهود السابقة كانت تمنح السادن منزلاً بقرب الحرم. ما هي صلاحياتكم، وهل فعلاً تم تعويض آل الشيبي عن حقوقهم، وكم هو المبلغ المخصص لكم؟ - هناك مخصص مالي قدره 680 ريالاً، يصرف شهرياً كتعويض عن منع بني شيبة من الاستفادة من الهدايا التي كانت تصلهم من فتح الكعبة للضيوف والزوار، وهذا ما قال عنه صلى الله عليه وسلم لبني شيبة «كلوا منها بالمعروف»، هذا التعويض ظل يصرف لعدد محدود من بني شيبة منذ ربع قرن، ولم يشهد منذ ذاك الوقت أي زيادة. تم سحب كل صلاحيات بني شيبة في دخول الكعبة وفتحها وغسلها، ولم يعد الوضع كسابق عهده، فلم يعد لبني شيبة سوى «المفتاح» أصبح السدنة «زي البوابين». كم قيمة الأوقاف الخاصة بآل الشيبي، ولماذا لم تصرف حتى الآن، وكم مضى عليها؟ - مشكلة الأوقاف الخاصة إحدى المشكلات التي يعاني منها سدنة الكعبة «ببني شيبة» والتي قدرها بالملايين، تم أخذها في التوسعة الخاصة بالحرم المكي الشريف ولم تصرف لهم قيمتها حتى الآن، وقدرت في تلك الأيام بقيمة محددة ومع تأخير صرفها تغير السعر تماماً، وأن تضررنا هو بسبب قيمة العقار التي ترتفع مع مرور الأيام. وماذا عن الخلوة الخاصة بالسدنة في المسجد الحرام؟ - كانت الخلوة الخاصة داخل الحرم تعطى لسادن الكعبة وأئمة الحرم والعاملين فيه ليوجد فيها أثناء انتظاره في الحرم أو في رمضان، حالياً لم يعد هناك مكان لسادن الكعبة، رغم وجود خلوات للكثير من العاملين في الحرم، والخلوة هي عبارة عن غرفة صغيرة داخل الحرم سواء المكي أم المدني. غاب باب بني شيبة عن الوجود، ما هي جهودكم لإعادته؟ - تم إلغاء مسمى «باب بني شيبة» والذي كان في صحن الطواف، يبدأ منه الطواف بحسب السنة المطهرة، وعند توسيع صحن الطواف في عهد الملك فيصل - رحمه الله - وجه بإطلاق المسمى على أحد أبواب الحرم، وفعلاً تم ذلك لأن باب بني شيبة هو من أقدم أبواب الحرم، وهذا ما توضحه الكثير من كتب التاريخ، وتم إلغاء هذا الباب أثناء توسعة المسعى إلا أنه لم يتم إطلاق المسمي علي باب آخر رئيسي، حتى الأن. يتحدث الناس عن تقاضي بعض آل الشيبي من مخصصات الضمان الاجتماعي، ما مدى صحة ذلك؟ - ربما يربط البعض اسم بني شيبة «سدنة الكعبة» بالثراء والأموال الطائلة، بينما يحكي الواقع عكس ذلك، فهناك عدد من أفراد بني شيبة يتقاضون بالفعل مخصصات من الضمان الاجتماعي، ومنهم من يتعفف، ويرى أنه لا يليق به أن يتقاضى من الضمان أي مخصصات، ومنهم من منعته الحاجة عن الزواج، وذلك أنه لا يملك وظيفة أو دخلاً يعيش منه، خصوصاً بعد نزع جميع أوقافهم في التوسعة الأخيرة، وفي ظل بطء الإجراءات التي تقف عائقاً أمامهم.