ليلة السبت 29 ربيع الثاني عام 1116 ه الموافق ل31 من نيسان (أبريل) 1704، كان لها موعد مع نهاية خدمة نيزك «الوبر» من الدوران في مجموعته الشمسية، ليسقط ملتهباً شاقاً الغلاف الجوي بسرعات تراوحت بين أربعة آلاف إلى 60 ألف كيلو متر في الساعة صوب الأرض ليستقر في الربع الخالي (جنوب شرق السعودية). «الوبر» آخر نيزك سقط على الأراضي السعودية وهو أمر مثبت علمياً، حسبما ذكره رئيس قسم علم الفلك في جامعة الملك عبدالعزيز الدكتور حسن محمد باصرة ل«الحياة»، إذ سقط قبل أكثر من ثلاثة قرون، ليبقى متشبثاً بالأرض القاحلة، جرماً ساقطاً من السماء، قدر خالقه له أن يترك السباحة في الفضاء، ليستبدلها بالسباحة في بحر من الرمال الممتدة بعيداً عن البشر، يحفظ له آثار رحلته الغيبية آن ذاك، ولتعرف البشرية موعد سقوطه بعد تقدم آلاتهم وتقنياتهم، واقعاً تحت أنظار المستشرق فيلبي عام (1932)، كأول إنسان يبصره على الطبيعة. لم يستطع «الوبر» مقاومة الغلاف الجوي مع سرعته الشديدة، ليستسلم متفككاً أثناء صراعه الجوي إلى أربع قطع، ويوضح باصرة، أن الأثر الناتج من ارتطامه بالأرض قدر بقوة القنبلة النووية التي سقطت على هيروشيما وناجازاكي في اليابان. أصيب الكثيرون ممن شاهدوا الكرة النارية التي عبرت سماء العاصمة بالذهول والاندهاش، وبقيت شرارته عالقة في أذهانهم. يقول باصرة إن الواقعة وصفت آن ذاك ب«ريح صاحبتها إضاءة شديدة»، مضيفاً بوجود شعراء أرخوا للواقعة التي شاهدوها نظماً، منهم السيد علوي بن حسن جمل الليل الذي قال «ليلة السبت ريح بدت... بنار وأمر لنا مرهب»، وعمر بن أبي بكر الشبامي الذي قال «إن نارًا قد تبدت عبرة للناظر... فانثنى من قد رآها بفوائد طائر... ليلة السبت تراءت في ظلام كافر... ولعشرين وتسع من ربيع الآخر... بتريم شاهدوها عن دليل ظاهر». انطفأت نيران «النيزك»، فور انغماسه في البحيرة الرملية، إلا أن الرغبة في معرفة موعد رحلته وهبوطه على الأراضي السعودية كانت مشتعلة لدى الكثير من المهتمين، لتعاود قطع صغيرة منه التحليق إلى أستراليا، وتصل إلى جامعة إيديلد ثالث أقدم الجامعات في أستراليا، إذ أجريت عليه بعض الأبحاث، وقدرت النتائج في العام 2003 عمر نيزك الوبر بأكثر من 300 عام. لا يوجد أي مؤشرات محددة لرحلات تنوي خوضها أي نيازك أخرى إلى أي منطقة في العالم ومنها السعودية، إذ أكد باصرة أنه لا توجد خاصيات معينة لمناطق محددة تشير إلى سقوط النيازك فيها، فهي أجرام سماوية متبقية من مذنبات، لا تحتاج إلى قطع تذاكر في مواعيد محددة لزيارة الكرة الأرضية.