انقسم خطباء الجوامع أمس، ففيما التزم البعض بالتوجيه الذي أصدرته وزارة الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد، بتناول حادثة الأحساء، والتركيز عليها، سلك آخرون مسلكاً آخر، مفضلين الحديث عن أهمية «الأمن والأمان»، من دون الإشارة إلى الحادثة بأي ذكر. بينما قام خطباء آخرون بتجاهل الأمر، على رغم التعميم الوزاري المُلزم لهم. وخصص بعض أئمة الجمعة، خطبهم للحديث عن «جريمة الدالوة»، مؤكدين أهمية «الوقوف ضد دعاة الفتنة»، مشيرين إلى أن الأحساء «نموذجاً مثالياً للتعايش بين المذاهب الإسلامية، فالسنة والشيعة عاشوا لقرون في تآخٍ ومحبة»، معتبرين ذلك «مكسباً ولا يجب أن تعطى الفرصة لأي مخرب ليعكر صفوه». ووصف هؤلاء الخطباء الحادثة ب «البشعة»، مشبهين إياها ب «خنجر طعنت به خاصرة الوطن، وذهب ضحيته أبرياء من أطفال ورجال، إضافة إلى رجال أمن دافعوا عن وحدة واستقرار أمن البلاد». ووصفت الخطب من قام بتلك الحادثة بأنهم «بغاة على الدين وأمن الوطن»، مشددين على أن المرحلة الحالية تتطلب «نبذ الأصوات كافة التي تبث نيران الفرقة والضغينة، ومحاولة تجاوز هذه الأزمة بسلام، والتمسك بالوحدة والاستقرار». وفي السياق ذاته، لجأ خطباء إلى التركيز على شق «الأمن والأمان» كمحاور رئيسة لخطبتهم، من دون تخصيص حادثة الأحساء بالذكر. إذ نددوا «بكل فعل قد يؤدي إلى المساس بهما»، مطالبين بضرورة إيقاف من أسموهم ب «المجرمين» أو «الخوارج، لحقن الدماء، والسلامة من العدوان وهتك الأنفس المعصومة»، مشيرين إلى أن القتل من دون سبب شرعي «يستحق مرتكبوه أقسى العقوبات». وفي المقابل، تجاهل خطباء آخرون الحادثة برمتها، مفضلين الحديث عن أمور شرعية ودينية أخرى. وهو الأمر الذي اعتبره مراقبون بحاجة إلى «وقفة حاسمة» من الوزارة، كونه يعطي «مؤشراً خطراً»، لافتين إلى أن «دور المساجد يجب أن يُفعّل في حفظ الأمن». يذكر أن وزارة الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد قامت في أيلول (سبتمبر) الماضي، بإيقاف 17 خطيباً لم يلتزموا في حينها بتجريم حادثة «شرورة»، التي راح ضحيتها أربعة من رجال الأمن، إضافة إلى مقتل خمسة من الإرهابيين، وإصابة آخر.