حالة خاصة تعيشها العاصمة اللبنانية سنوياً منذ العام 2003 هي ماراثون بيروت الدولي، وقد اعتادت على إيقاعها النابض بطريقة غير مألوفة في مفاصل كثيرة تغلّف لبنان الذي تتلاطمه الأزمات. السباق الرياضي في اسمه ومعناه والاجتماعي الاستثنائي في طابعه ومضمونه، يحشد في نسخته 12 المقررة غداً 37153 عداءة وعداء من 82 جنسية، وهو رقم قياسي، بينهم 22 عداء من المحترفين «النخبة»، علماً بأن عدد الوافدين من الخارج يناهز 2000 مشارك. تتجمّل بيروت كل عام «أكثر» بماراثونها الذي يحمل هذا العام شعار «سلام وحب وركض» أي كلمة اركض (Run)، كلمات أهدافها سامية وتتحدّى الواقع والأخطار المُحدقة بالوطن معلنة إرادة الاستمرار. كما أن المناسبة قاومت عراقيل كثيرة منذ انطلاقها، وأصرّت جمعية «بيروت ماراثون» المنظمة للحدث برئاسة مي الخليل على إقامته في أصعب الظروف وأحلكها، لا بل أسست فروعاً له لتبقي النشاط قائماً على مدار العام في سبيل تعزيز «ثقافة الجري» ومفاعيلها الإنسانية، فضلاً عن أن الرياضة تمنح المتسابقين مساحة للتعبير. وللتعبير طرق كثيرة في الماراثون، خصوصاً من خلال 114 جمعية يتعاضد أفرادها وداعموها من أجل أهدافها وينتصرون لقضاياها، مثل المرأة والحدّ من العنف الأسري وداء السرطان وداء التوحّد والحدّ من حوادث السير... والجديد في النسخة هذا العام مشروع «PRE»، وهو مجسّم لشخصية عداء تعني طاقة الركض الإيجابية ويحمل شعار السباق، وقد ازادنت به مساراته عبر «رسائل حب وسلام». ووزّع المجسّم على 29 فناناً وفنانة، أمثال رودي رحمة وأمين كرزل ورائد أبي اللمع، حولوها أعمالاً حسب رؤاهم. وبعد عرضها، ستباع في مزاد علني يُقام في شباط (فبراير) المقبل، يعود ريعه لشراء كراسٍ متحرّكة للمقعدين وذوي الحاجات الخاصة، تمكّنهم من المشاركة في السباق العام المقبل. وفي الماراثون مشروع «بيروت 542» التدريبي لإكمال مسافة السباق الرئيس (42,195 كلم)، في إشراف خمسة مدربين من ذوي الخبرة لتقديمها إلى عدائين مبتدئين. وتسعى جمعية «بيروت ماراثون» لأن يصنّف السباق الذي يحمل التصنيف البرونزي، «فضياً» في المدى القريب. لذا، تراعي في تنظيمه معايير تطوير سنوية فنياً ولوجستياً، منها إشراك عدائين توقيتهم دون 2,12 ساعة، ورفع قيمة الجوائز النقدية من 100 ألف دولار إلى 250 ألفاً، وزيادة عينات فحص المنشطات... ومدّت جمعية «بيروت ماراثون»، الناشطة عالمياً لتعزيز دورها والترويج «إيجاباً» للحدث من خلال اتفاقات تعاون مع سباقات خارجية مثل ماراثون ميامي وقبلها ماراثون برلين، جسوراً مع مجتمعات الاغتراب والجاليات، وسمّت الفنانة التونسية لطيفة سفيرة للسباق، وهي تحضر المناسبة ميدانياً على غرار مشاركتها في نشاطات سابقة مثل افتتاح معرض المجسّمات الفنية. وتعتبر الخليل أن تسمية الفنانة لطيفة «أمر مهم للغاية، خصوصاً أنها أسست عام 2005 مؤسسة خيرية تحمل اسمها لدعم أعمال الخير في الوطن العربي». أما الشخصية الرياضية الأبرز، فستكون العداء الأسطورة الأثيوبي هايله جبريسيلاسي الذي يحلّ ضيف شرف. وهو يحمل اللقب العالمي لسباق ال10 آلاف متر 4 مرات، واللقب الأولمبي مرتين، كما فاز مرتين بماراثون برلين حطم خلالهما الرقم القياسي. وأعّد برنامج حافل لجبريسيلاسي على هامش الماراثون، من ضمنه لقاء رئيس الوزراء تمام سلام في السراي الحكومي، وحوار «ثلاثي الأصوات» يقام في جامعة سيدة اللويزة، وحصة تدريبية مع مجموعة من العدائين.