طالبت تظاهرات حاشدة قادها حزب «الاستقلال» المعارض وذراعه النقابية الاتحاد العام للعمال في مدن مغربية عدة أول من أمس رئيس الحكومة عبدالإله بن كيران بالرحيل، واتهمت حكومته بالإمعان في «تفقير الشعب» وإثقال كاهل الفئات المحرومة برفع أسعار المواد الاستهلاكية الأساسية. وتقدم الأمين العام لحزب «الاستقلال» حميد شباط تظاهرة الرباط إلى جانب قياديين في الحزب والنقابة، وفي حضور أعضاء قياديين في «الاتحاد الاشتراكي» وبعض فصائل المعارضة، إضافة إلى شخصيات تنتسب إلى حزب «التقدم والاشتراكية» المشارك في الحكومة، ولكن بصفة شخصية. وكان لافتاً جلب المحتجين ستة حمير وُضع على رؤوسها قبعات وربطات عنق. وسارت الحمير في مقدم التظاهرة التي خرجت من مقر «الاستقلال» في الرباط في اتجاه شارع محمد الخامس، وتوقفت أمام مبنى البرلمان، حيث ردد المتظاهرون شعارات انتقادية لاذعة. وعقّب قيادي في «الاستقلال» على استخدام الحمير في تظاهرة سياسية بالقول إن رئيس الحكومة كان أول من غرف من قاموس الحيوانات في مصطلحات وجهها ضد خصومه الذين وصفهم بالتماسيح والعفاريت وخفافيش الظلام. وعاود زعيم «الاستقلال» حميد شباط طلبه تعليق حزب «العدالة والتنمية» الذي ينتمي إليه بن كيران وقال إن هذا الحزب يعمل وفق أجندة ذراعه الدعوية جماعة «الإصلاح والتوحيد» التي تُعتبر - على حد تعبيره - فرعاً لحركة «الإخوان المسلمين»، وحذّر رئيس الحكومة من مصير الرئيس «الإخواني» المعزول في مصر محمد مرسي. وحمل المتظاهرون مجسّمات المواد الاستهلاكية الأساسية، مثل الزيت والوقود وأكياس الدقيق، للدلالة على تأثير رفع أسعار الوقود على هذه المواد، فيما لم تبدأ حكومة بن كيران بعد في تنفيذ خطة إصلاح نظام المقاصة والمختص بدعم هذه المواد. وتريد الحكومة اعتماد خطة بديلة يُطلق عليها «المقايسة» التي تهدف إلى ملاءمة الأسعار مع تقلبات أثمان البترول والدولار. وسبق لحزب «الاستقلال» أن حذّر رئيس الحكومة من مخاطر المساس بالقدرات الشرائية للمواطنين، ما أدى إلى انسحابه من الحكومة. لكن وزراء الحزب الذين ما زالوا يواصلون مهمات تصريف الأعمال، في انتظار تشكيل الطبعة الثانية للحكومة، أعلنوا رفضهم قرار رفع أسعار الوقود. وردد المتظاهرون بهذا الصدد شعارات تنتقد أداء الحكومة وتتهم رئيسها ب «احتكار السلطة والانفراد باتخاذ قرارات مصيرية» من دون محاورة شركائه في الائتلاف الحكومي، أي وزراء «الحركة الشعبية» و «التقدم والاشتراكية». ويرى مراقبون أن تصريحات شباط تهدف إلى إحراج الحليفين الحزبيين لرئيس الحكومة، في ظل ظهور بوادر تململ إزاء قرارات رفع الأسعار داخل وزارة بن كيران. وعلى الطرف الآخر، أعلن حزبا «الاستقلال» و «الاتحاد الاشتراكي» التزامهما المضي قدماً في خطوات التنسيق وفق «منظور مرحلي واستراتيجي» يشمل عمل القيادة والتنظيمات الموازية، ما يفسّر - بحسب مصادر حزبية - مشاركة وفد من «الاتحاد الاشتراكي» في تظاهرة «الاستقلاليين» في الرباط. ودعا «الاتحاد الاشتراكي»، من جهته، إلى احتجاجات تنفّذ السبت المقبل ضد الإجراءات الحكومية. ونفّذ أمس مهنيو النقل إضراباً عن العمل لمناهضة قرار رفع أسعار الوقود. ولم يحل إعلان الحكومة عن إجراءات بديلة تطاول تقديم تعويضات لمهنيي النقل من دون تنفيذ إضراب يدوم ثلاثة أيام. ولم يصدر عن الحكومة أي رد فعل إزاء التظاهرات التي شملت مدناً مغربية عدة. غير أن قياديين في الحزب الحاكم «العدالة والتنمية» قللوا من شأن ردود الأفعال الغاضبة. واهتمت قيادة الحزب، في اجتماع عُقد نهاية الأسبوع، بدرس تطورات الأوضاع السياسية، على خلفية التظاهرات وردود الأفعال. وأعلن عبدالإله بن كيران أنه ماض في مشاوراته لضم «تجمع الأحرار» إلى حكومته، وفق التفويض الذي منحه إياه حزبه. وانضمام «الأحرار» إلى الحكومة يهدف إلى تعويض وزراء حزب «الاستقلال» الذي اختار الانتقال إلى صفوف المعارضة. وشرعت الحكومة، في غضون ذلك في بث وصلات إشهارية عبر التلفزيون تفيد بأن تنفيذ خطة «المقايسة» ستكون جزئية ومحدودة ولن يكون لها تداعيات على أسعار المواد الاستهلاكية الأساسية.