في 8 آذار (مارس) 2012، رفضت المملكة تصريحين روسيين زعمت أن «المملكة تدعم الإرهاب في سورية»، ليأتي الرد الديبلوماسي السعودي سريعاً على لسان مصدر في الخارجية جاء فيه: «اطلعت وزارة خارجية المملكة العربية السعودية على البيان الصادر باسم المتحدث الرسمي لوزارة خارجية روسيا الاتحادية في الرابع من شهر مارس الجاري، الذي يتضمن اتهامات خطرة للمملكة بدعمها للإرهاب في سورية. وتعبّر وزارة الخارجية عن رفضها واستهجانها الشديد لهذه التصريحات غير المسؤولة، والمجانبة لحقيقة حرص المملكة على التعامل مع الأزمة السورية وفق قواعد الشرعية الدولية وعبر مجلس الأمن الدولي المعني بحفظ الأمن والسلم الدوليين، وهي الجهود التي للأسف تم إجهاضها وتعطيلها بالفيتو، معطياً بذلك نظام سورية رخصة للتمادي في جرائمه ضد شعبه الأعزل، وبما يتنافى مع الأخلاق الإنسانية وكل القوانين والأعراف الدولية». ولا بد من الإشارة في هذا الصدد إلى أن الاتهامات الروسية مبنية على افتراضات خاطئة يرددها إعلام النظام السوري، ورفضها المجتمع الدولي، والتي تزعم أن القاعدة ومجموعات مسلحة إرهابية تشكّل العمود الفقري للمعارضة السورية». أظهرت مواقف الرياض خلال عامي 2012-2013، انحيازاً واضحاً إلى رغبات شعوب الدول العربية والإسلامية، حتى وإن كلفها ذلك السير ضد الرغبة الأميركية، وتعريض مصالحها للخطر، وهو ما بدا في موقفها من الأزمة المصرية، فكما واجهت روسيا في السابق حال انحيازها للشعب السوري ضد نظامه الباطش في دمشق، كررت الموقف ذاته، وانحازت لرغبات الشعب المصري في التخلص من نظام رفضه ولفظه في 30 حزيران (يونيو)، ووقفت صراحة ضد رغبة البيت الأبيض في واشنطن. الملك عبدالله بن عبدالعزيز أكد في 16 آب (أغسطس) الماضي، أن «المملكة العربية السعودية شعباً وحكومة تقف إلى جانب أشقائها في مصر ضد الإرهاب والضلال والفتنة». وأشار إلى أن «استقرار مصر يتعرض لكيد الحاقدين والكارهين»، وأن الذين يحاولون المساس بشؤون مصر الداخلية «يوقدون نار الفتنة ويؤيدون الإرهاب الذي يدعون محاربته»، وأن المملكة تأمل بعودتهم «إلى رشدهم قبل فوات الأوان». وأضاف أن مصر «لن يغيرها موقف هذا أو ذاك»، وأنها قادرة على «العبور إلى بر الأمان». هذا الموقف أربك وسائل الإعلام الأميركية، التي أصابتها نرجسية مرضية، فعمدت إلى التعريض بالمصالح السعودية، ونشر عناوين وتقارير تحريضية ضد الرياض لموقفها المساند للقاهرة. ووصفت «واشنطن بوست» موقف المملكة بأنه «خروج عن دورها التقليدي الثابت في المنطقة، وتعريض لعلاقاتها مع أميركا للخطر من أجل مصر». واعتبرت في تقرير نشرته في 24 أغسطس الماضي، أن «وقوف المملكة بجانب مصر وإمدادها ببلايين الدولارات إنما يعد نوعاً من المواجهة من المملكة لسياسة واشنطن». وقالت الصحيفة: «إن المملكة العربية السعودية تقف الآن في طليعة دول الخليج لدعم القادة الجدد في مصر، ما أدى إلى تفاقم صراع شرس على النفوذ في العالم العربي، ووضع السعوديين على خلاف مع الولاياتالمتحدة». الدعم السعودي لمصر تجاوز جانبه السياسي، إذ شددت المملكة على التزامها بدعم القاهرة مادياً، فقدمت لها أكبر مساهمة ضمن حزمة من المساعدات الخليجية بلغت 12 بليون دولار، وهو - بحسب واشنطن بوست - «ما قزم دور المعونة الأميركية لمصر البالغة بليون ونصف البليون دولار فقط، والتي ظل يلوح بها الكونغرس، ويضغط على إدارة أوباما لتعليقها للضغط على مصر». «واشنطن بوست» أضافت في تقريرها عن موقف المملكة من مصر، أن «موقف الرياض جريء وغير معتاد في السياسة الخارجية، ويمثل مخاطرة كبيرة بالنسبة للمملكة التي تتسم سياستها التقليدية بالرزانة والحذر، ويحتمل أن تضر علاقاتها مع واشنطن». الصحيفة تناولت أيضاً تصريحات وزير الخارجية الأمير سعود الفيصل خلال زيارته إلى باريس، وتأكيده أن «مصر الوطن الثاني لدينا، ولن نسمح أبداً بزعزعة استقرارها، والأمة العربية والإسلامية الغنية قادرة على تعويضها حال وقف أي مساعدات غربية لها، إضافة إلى تعهد الملك عبدالله بن عبدالعزيز بدعم الجيش المصري والتصدي لما وصفه ب«الإرهاب والتطرف والفتنة». وأشارت الصحيفة إلى أن «واشنطن لا تزال تدرس خيار وقف المساعدات لمصر»، مؤكدة أن «السعودية مستعدة لمواجهة واشنطن في شأن الأزمة». ونقلت الصحيفة عن أستاذ تاريخ الشرق الأوسط في جامعة دورهام البريطانية كريستوفر ديفيدسون قوله إن «ما تفعله السعودية الآن مغامرة هائلة». وفي لهجة تحريضية، كتبت صحيفة «نيويورك تايمز» منتقدة موقف الرياض ودعمها للقاهرة، وأكدت في تقرير لها أن «المملكة توظف عضلاتها الديبلوماسية للمساعدة في تحدي الضغوط المتزايدة من الغرب على مصر، لفرض حل سياسي بها»، وقالت الصحيفة: «إن تعويض السعودية مصر عن أي مساعدات غربية يتم قطعها يعد إنقاذاً للاقتصاد المصري من السقوط، ولكن هذه الأموال لن تدع سلطات مصر تنجو من الغضب الدولي، بسبب ما وصفته بحملة أدت إلى مقتل ألف شخص وإصابة 4 آلاف آخرين». واعتبرت الصحيفة أن «موقف السعودية إنما يقوض الجهود الغربية للضغط على مصر من أجل حل وسط، ويؤدي أيضاً إلى تضاؤل نفوذ أميركا في العالم العربي»، مشددة على أن «فتح السعودية شيكاً على بياض لتعويض مصر، يحمل في طياته أكثر رمزية ورسالة للعالم الغربي».