التداعيات الواسعة التي صاحبت المحاولة الإرهابية الفاشلة التي استهدفت أحد رموز الأمن في بلادنا الغالية مساعد وزير الداخلية للشؤون الأمنية الأمير محمد بن نايف بن عبدالعزيز، رسخت لديَّ معنيين عميقين، الاول: حالة اليأس والإحباط التي وصلت اليها فلول الارهاب وذيول الفئة الضالة من واقع الحصار المتقن المفروض على تحركاتها وأهدافها التخريبية، والثاني: المواطنة الحقة التي عبّرت عن صورة من اجمل صور تماسكها وانسجامها وولائها لدينها ومليكها ووطنها، محبة لولاة امرها ونبذاً للسلوكيات الإجرامية المناوئة لديننا وتقاليدنا. إن يد الأمن الضاربة لكل من تسول له نفسه النيل من مكتسبات ومقدرات بلادنا وهي تلاحق الارهاب أينما وجد نجاحها في توظيف الضربات الاستباقية لتجفيف منابعه، ضربت اوضح المثل في قدرتها على فتح صفحة جديدة لأبناء الوطن الذين ضُلِلوا، عازمة على تحويل الافكار السوداء، التي علقت في رؤوسهم بفعل تنظيرات الجهلة وأدعياء التدين من قادة الفكر الارهابي، الى افكار مليئة بالامل، أفكار تسهم في بناء مرافق الوطن وتعلي من شأنه بين الامم، فنشطت وزارة الداخلية بقيادة ربانها الماهر الأمير نايف بن عبدالعزيز، ونائبه الفذ الأمير أحمد بن عبدالعزيز لإطلاق ثقافة «المناصحة والمراجعة» عن طريق علماء العلم الشرعي والثقافة الفقهية، إذ وجد هؤلاء العلماء الكثير من المغالطات الفكرية والمواقف المنحرفة التي يعمل من خلالها هؤلاء المخربون، وتم تلقينها لهم من رموز الجهل والضلال، واستطاع الأمير محمد بن نايف ان يدير هذا الملف الشائك بخبرته المعهودة ومواقفه المتسامحة، حتى استفاد الكثيرون ممن انخرطوا في جوقة الفكر الارهابي مما وفرته لهم وزارة الداخلية من فرص مواتية للرجوع عن الضلال والانتباه الى ما يضمره أعداء الدين من فظائع في سبيل تحقيق مآربهم السيئة وبضرورة الاستجابة لنداء الوطن والمواطنة والعقل السليم. وعلى مستوى هذا السلوك الممزوج بالنبل والتسامح والانسانية ونقاء الفطرة الذي طرحه الامير محمد بن نايف كأجندة عمل لتهيئة الذين رجعوا عن مستنقعات الفكر الآسن للانخراط في مسيرة البناء الطاهرة لدولتنا، كان هناك خطط يحبكها الشيطان في الظلام يسول بها لبعض المتربصين بهذه البلاد الفتية، كان الشيطان يلقنهم: لماذا لا تستفيدون من هذه الفرصة التي أتاحها لكم محمد بن نايف في منزله في هذا الشهر الفضيل، لماذا لا تستهدفونه شخصياً؟ فكان ذلك الفعل الشائن الذي لا يرقى لأي فضيلة او أخلاق، لأنه كما قال الامير نايف بن عبدالعزيز «ليس في قلوبهم دين ولا مواطنة ولا خوف من الله»... لقد قابل ذلك الانتحاري قيم النبل بمسلك اللؤم، واليد الممدودة بالتسامح بيد لا تعرف الا الخراب والدمار والاغتيالات. لقد هزَّت هذه الحادثة الغريبة قناعات كثيرة لدى المواطنين، لذا أعقبتها ردود فعل حانقة على زمرة الفساد، وبضرورة الرجوع عن نهج «التفاكر والتناصح»، لكن أمير الأمن والأمان هدأ من خواطر مواطنيه الذين انفعلوا ببشاعة ما حدث، مذكراً بأن الهجوم الفاشل لن يغير إطلاقاً من سياسة فتح الباب للتائبين ان يعودوا ويقولوا ما لديهم للمسؤولين، بل سيكون نهجاً مستمراً ليقدم بذلك درساً بليغاً في ثقافة التعامل مع الأحداث بما يمليه الضمير الحي ومصلحة البلاد والعباد، فكانت وقفة العالم أجمع بما حمله من إدانة وشجب واستنكار واسع لهذا الفعل الإجرامي، ومن مشاطرة واضحة لأفكار الأمير نايف بن عبدالعزيز، في استمرار الحوار بما اعتبروه منهجاً عملياً يرقى ليكون خطة عمل في كيفية مجابهة الفكر الارهابي. إن الوقفة الرائعة لمواطني مملكتنا الغالية مع قيادتهم في وجه الإرهاب عبّرت بصدق عن فهمهم العميق لمرامي الارهاب والارهابيين وأهدافهم المستترة تحت شعارات خاسرة حقاً، واستهدافهم لانجازات هذا الوطن الأبي، ونيتهم لكبح تقدمه وزعزعة استقراره بما يمثله من واحة للأمن والامان، كما انها ترجمت التخبطات التي تعيشها الفئات الضالة، فالنجاحات المدوية التي حققها في ضرب مخططاتهم أوغرت صدورهم، فكان ان استهدفوه متجردين من أي اخلاق وانسانية، في شهر يتقرب المسلمون فيه بفضائل الاعمال الى رب العالمين وهو شهر رمضان المبارك، وهم لا يعرفون انهم استهدفوا في شخصه الكريم كل مواطني المملكة العربية السعودية. حمى الله بلادنا وقيادتنا ومنجزاتنا وأمتنا من كل سوء، وجعل كيد المفسدين في نحورهم.