أظهر التضارب الذي اكتنف بيعة تنظيم «أنصار بيت المقدس» في سيناء للخلافة التي أعلنتها «الدولة الإسلامية» في العراق وسورية وزعيمها أبو بكر البغدادي، خلافات في التنظيم المصري المتمركز في سيناء الذي نفذ عمليات عدة واستهدف قوات ومقار أمنية بهجمات قُتل فيها العشرات. وتضرب قوات من الجيش حصاراً على منطقة شاسعة في مدن سيناء، بعد اعتداء مسلح على مكمن «كرم القواديس» العسكري الشهر الماضي، أسفر عن مقتل 30 جندياً. وسبقت الهجوم رسائل علنية لافتة بين «داعش» و «أنصار بيت المقدس»، عززت الاعتقاد بتخطي العلاقة بين التنظيمين التماهي العقائدي إلى الصلات التنظيمية، إذ كان الناطق باسم «الدولة الإسلامية» أبو محمد العدناني أثنى على «المجاهدين في سيناء»، وحضهم على مزيد من الهجمات والاستمرار في نهج الذبح الذي طفا على السطح في المنطقة، بالتزامن مع أتباع «داعش» ذات النهج. وعثر أهالي على 10 جثث مقطوعة الرأس في سيناء، وبثت «أنصار بيت المقدس» شريطين لذبح رجال من بدو سيناء. وبدا العدناني في رسالته عن سيناء يُلقي «تكليفات» ل «أنصار بيت المقدس»، تلقفها التنظيم وضمن منها للمرة الأولى مقتطفات في شريط ذبح 3 رجال وإعدام رابع بالرصاص، وكأن التنظيم يُنفذ تلك التكليفات. ورصدت «الحياة» نداءات عدة على مواقع جهادية مرتبطة ب «داعش» تدعو إلى «نصرة المجاهدين في سيناء»، بعد تكثيف الجيش عملياته هناك عقب هجوم مكمن «كرم القواديس». وبث «أنصار بيت المقدس» بياناً على أحد المواقع الجهادية يعلن فيه البيعة لأبي بكر البغدادي، تبعه بيان لقيادي في «داعش» يدعو فيه إلى نقل العمليات المسلحة إلى القاهرة لتخفيف الحصار المفروض على المسلحين في سيناء، قبل أن يُسارع تنظيم «أنصار بيت المقدس» إلى نفي البيعة ل «داعش»، عبر حساب على موقع «تويتر». وقال ل «الحياة» القيادي السابق في «الجماعة الإسلامية» ناجح إبراهيم إن «بيعة أنصار بيت المقدس لداعش مبررة، ونفيها غير مبرر واستثناء». وأوضح أن «أنصار بيت المقدس أقرب الناس فكراً وسلوكاً وتنظيماً إلى داعش. كانت تبايع تنظيم القاعدة ولما رأت أنه يغرق قفزت من قاربه إلى قارب داعش ولم تعلن ذلك رسمياً... بعد هجوم كرم القواديس تعرض مسلحو أنصار بيت المقدس إلى حصار شديد جداً، فأراد التنظيم الاستعانة بالقوة الأكبر، بإعلان البيعة لداعش». وأضاف إبراهيم الذي قاد فكر المراجعات أن «أنصار بيت المقدس تتبع داعش فكرياً وسلوكياً وتنظيمياً. أرجح أن مسألة الإعلان كانت تلقى لغطاً وتُسبب خلافات بين فريقين في التنظيم المصري، ومن ثم تم إرجاؤها، لكنها حُسمت ببيان البيعة الأخير الذي اعتقد بأنه حصل بعده نقاش، وحين رأى بعضهم أنه سيجر على التنظيم ويلات، تم التنصل منه بحيث يكون بيان البيعة موجوداً والنفي أيضاً، فإن أضرهم بيان أفادهم الثاني. سيستخدمون البيعة لداعش والتنصل منها لتحقيق ما يرونه مكسباً. هذا الأمر يحدث عادة في الجماعات التي تمارس العنف المسلح». واعتبر أن إعلان البيعة ل «داعش» محاولة أخيرة من «أنصار بيت المقدس» للنجاة من حصار الجيش لها. وأوضح أن «التنظيم يحتضر وفي الرمق الأخير، ويسعى إلى الإفاقة من خلال إمداد خارجي، لا أعتقد بأن الاتصالات مع داعش صعبة جداً». وأعرب عن اعتقاده بأن «هناك خلافاً نشب بين مقاتلي أنصار بيت المقدس، هناك من يرى أن الانضمام إلى داعش يجعلهم في إطار عالمي، ويحقق لهم وضعاً أفضل، وهناك من يرى أن الانضمام سيضرهم، لأنه سيستنفر عليهم العالم كله. أعتقد بأن الفريق الأكبر في أنصار بيت المقدس مؤيد لبيعة البغدادي. النتيجة أن التنظيم المصري بات يقيناً يتبع داعش فكراً وتنظيماً وسلوكاً، لكن التلاقي المالي والتسليحي والقيادي يلقى صعوبات بسبب إجراءات الجيش». وتنفي وزارة الداخلية باستمرار أي وجود «تنظيمي» ل «داعش» في مصر، لكنها أعلنت قبل أسابيع ضبط «خلية تكفيرية» في مدينة بورسعيد المطلة على قناة السويس مهمتها تجنيد شباب للانضمام إلى «الدولة الإسلامية» والقتال ضمن صفوفها في سورية. وأكد مسؤول أمني ل «الحياة» رصد اتصالات بين أفراد في «داعش» و «أنصار بيت المقدس»، لافتاً إلى أن مصريين عائدين من ليبيا أوقفوا قبل أسابيع وأقروا بصلات بين التنظيمين. من جهة أخرى، قال الناطق باسم وزارة الداخلية اللواء هاني عبداللطيف، إن «المرحلة الحالية حاسمة في المعركة ضد الإرهاب». وأضاف لوكالة أنباء الشرق الأوسط الرسمية أن «الإجراءات الأخيرة التي اتخذتها الدولة على الحدود الشرقية في شمال سيناء ستكون لها تأثيرات إيجابية بتراجع المخاطر الإرهابية وتضييق الخناق على العناصر الإرهابية في تلك المنطقة. قرار إخلاء الشريط الحدودي في رفح سيحد من إمدادات السلاح والذخيرة التي كانت ترد إلى العناصر الإرهابية والتكفيرية في سيناء، إضافة إلى منع تسلل العناصر الإرهابية من الجانب الآخر من الحدود». وتوقع «تنفيذ بعض العمليات الإرهابية في الفترة المقبلة، كرد فعل على ما يتخذ من إجراءات قوية على الأرض لاقتلاع جذور الإرهاب».