قصفت طائرت نظام الرئيس بشار الأسد أمس احياء في دمشق وأطراف بلدة معلولا ذات الغالبية المسيحية وسط اشتباكات بين الجيش النظامي ومقاتلي المعارضة، في وقت توفي ثلاثة أطفال بسبب «الحصار الشديد» الذي تفرضه قوات النظام على مدينة المعضمية في جنوب غربي دمشق. وقال مصدر امني لوكالة «فرانس برس» أمس، إن اشتباكات دارت على أطراف بلدة معلولا بين مقاتلي المعارضة والقوات النظامية التي تحاول السيطرة على جيوب للمقاتلين، موضحاً أن «قوات الجيش تواصل مهامها. توجد بؤر إرهابية في شمال البلدة، في فندق سفير معلولا ومحيطه وفي التلال المحيطة بمعلولا». وزاد أن «الجيش يحرز بعض التقدم»، مشيراً إلى أن المعركة صعبة لأنه من غير الممكن استخدام المدفعية في قصف البلدة التي تضم العديد من الكنائس التاريخية والأماكن الأثرية. من جهته، أفاد «المرصد السوري لحقوق الإنسان» أن «الطيران الحربي نفذ غارتين على أطراف مدينة معلولا الأثرية من دون أنباء عن إصابات». وتفرض الطبيعة الجغرافية للبلدة صعوبة على العمليات العسكرية، إذ تقع عند سفح جبال صخرية يتواجد على قممها المقاتلون المعارضون، وبينهم قناصة يعيقون محاولات تقدم الجنود النظاميين. وتنفذ القوات النظامية منذ الأربعاء هجوماً لاستعادة السيطرة الكاملة على البلدة من أيدي المقاتلين المعارضين الذين سيطروا ليل السبت على البلدة إثر هجوم على حاجز للقوات النظامية على مدخل معلولا ثم بدأت المعارك الأربعاء الماضي. ونزح أهالي البلدة فور اندلاع المعارك ولم يبق منهم إلا العشرات، بينهم راهبات دير مار تقلا. وتقع معلولا، المعروفة بآثارها المسيحية القديمة ومغاورها المحفورة في الصخر، على بعد حوالى 55 كيلومتراً شمال دمشق، في منطقة القلمون، التي يسيطر مقاتلو المعارضة على أجزاء واسعة منها، والتي يمكن ان تشكل بوابة لقطع طريق دمشق - حمص في وسط البلاد على قوات النظام وبالتالي إعاقة الإمدادات إلى حمص الواقعة بمعظمها تحت سيطرة قوات النظام. كما أن السيطرة على القلمون من شأنها أن تشدد الطوق على مدينة دمشق، لا سيما أن لمقاتلي المعارضة تواجداً في جنوب وشرق وغرب العاصمة. وفي دمشق، نفذ الطيران الحربي ثلاث غارات على مناطق في حي برزة في شمال العاصمة، إضافة إلى غارات على مناطق في حي جوبر في الطرف الشرقي للعاصمة. ونقلت «رويترز» عن سكان وناشطين من المعارضة أن طائرات حربية سورية قصفت أحياء تسيطر عليها المعارضة في العاصمة دمشق، وأن قوات حكومية اشتبكت مع مقاتلين من المعارضة. وقال صحافي يعمل في وسط دمشق طلب عدم نشر اسمه لأسباب أمنية: «كانت الطائرات الحربية مشغولة تماماً صباح اليوم» (امس). وأوضح ناشطون أن الضربات تركزت على حي برزة، حيث يشن مقاتلو المعارضة هجمات لتحقيق تقدم أكبر نحو المدينة. وقال «المرصد» إن القصف الجوي شمل بلدة السبينة والمنطقة الواقعة بين مدينتي عربين وزملكا في الغوطة الشرقية، لافتا إلى استمرار المواجهات في داريا ومعضمية الشام في جنوب غربي دمشق ما أدى إلى سقوط قتلى وجرحى، علما أن قوات النظام تحاول السيطرة الكاملة على المعضمية. وأضاف «المرصد» أن «سيدة من مدينة معضمية الشام توفيت امس نتيجة إصابتها بمرض القصور الكلوي الحاد حيث تعذر على الأطباء إنقاذ حياتها جراء النقص الحاد في الأدوية المخصصة لعلاج مثل هذا المرض بسبب الحصار الشديد المفروض من قبل القوات النظامية على المناطق الخاضعة لسيطرة الكتائب المقاتلة والمخاوف من اعتقالها خلال نقلها عبر حواجز القوات النظامية كونها زوجة قتيل». وكانت معضمية الشام شهدت نهاية الماضي مقتل طفلين اثنين من المدينة، أحدهما يبلغ من العمر 3 سنوات، والثاني في السابعة من عمره، بسبب إصابتهما بمرض الماراسموس الناتج من سوء التغذية لدى الأطفال، والذين كانوا بحاجة لأدوية وأغذية ضرورية لعلاج المرض الذي أصابهما، لكن الأطباء لم يتمكنوا من تأمينها، وذلك بسبب الحصار الشديد، الذي تتعرض له المناطق، التي تسيطر عليها المعارضة في المدينة. وناشد «المرصد» الى منظمة الهلال الأحمر ومنظمة الصليب الأحمر ومنظمات الإغاثة العاملة على الأراضي السورية ب «السعي من أجل فك الحصار وإدخال المواد الإغاثية والأدوية اللازمة للمنطقة، التي تقطنها عشرات آلاف المدنيين». وبين دمشق وحدود الأردن، نفذ الطيران الحربي غارات على مناطق في بلدات عتمان وطفس وداعل، ما أدى الى مقتل طفل وثلاث سيدات في بلدة داعل بعد سيطرة مقاتلي «الجيش الحر» على موقع عسكري في عتمان شمال درعا. واستهدف مقاتلو الكتائب المقاتلة بقذائف دبابات مقر اللواء 61 في تل الجابية، ما أدى الى سقوط قتلى في صفوف القوات النظامية. وفي شمال شرقي البلاد، اندلعت مواجهات بين مقاتلي «الدولة الإسلامية في العراق والشام» وكتيبة مقاتلة في «الجيش الحر» في مدينة البوكمال على الحدود السورية - العراقية استمرت ساعات عدة، ما أدى إلى سقوط قتلى من الطرفين. إلى ذلك، قال «المرصد» إن السلطات المصرية لا تزال تحتجز منذ يوم امس الأربعاء نحو 200 مواطناً سورياً وفلسطينياً، حيث يتواجد نحو 70 منهم في قسم كفر الشيخ، و125 في سجن كوزمو بالإسكندرية، هم 25 طفلاً و24 امرأة و76 رجلاً. وقال نشطاء إن المتحجزين اعتقلوا في المياه الإقليمية المصرية عندما كانوا في مراكب بطريقهم إلى أوروبا. ودعا «المرصد» السلطات المصرية إلى «الوقوف على الأمر والإفراج الفوري عن المحتجزين لديها من المواطنين السوريين، الذين هربوا من العنف والقمع والقتل المستمر في وطنهم منذ نحو ثلاثين شهراً، مع شكر الشعب المصري على استضافته مئات الآلاف من أشقائهم السوريين، الذين سبق لهما أن ضمّهما وطن واحد».