إذا أردت معرفة أخبار وزارة النقل أو قطاع النقل العام، إن جاز التعبير، اسأل سائق سيارة أجرة، وكلما كان السائق قديماً في المهنة أو الشركة أو «الكشك» نفسه كان على علم أكثر، لأن «ميانته» ستسمح بوصول الأخبار إليه أولاً بأول. ووزارة النقل معنية «بمنشآت» الليموزين أكثر مما هي معنية بالمجتمع الذي يسرح فيه ويمرح. كما لا تنزعج من عدم نظافة سيارة الليموزين أو من رائحتها فهي تعطيك صورة شفافة عن نظافة عمل الوزارة. في سيارات الليموزين التي تدور في الشوارع وجوه وتجارب فيها من الظريف والعجيب، خصوصاً تجارب السائقين مع الركاب وتعاملهم مع بعضهم البعض. شاب على وظيفة بسيطة قرر زيادة دخله بدل «التسدح» في الاستراحة بقيادة سيارة أجرة. في البداية تعقدت الأوضاع، إذ حرمه زيه الوطني كثيراً من الركاب، لذلك قرر ارتداء اللباس الباكستاني ومن يومها تحسنت الأمور. وحينما ركبت معه اعترف من اللحظة الأولى كأنه يتساءل هل سأكمل المشوار معه أم لا؟ الجيد في الأمر أنه يكاد ينهي بناء منزل صغير يضمه مع والدته وأسرته الصغيرة، أما حكاية الزي فهي من عجائب مجتمع يرفع صوته مطالباً بالتوطين، شرط أن يكون بعيداً عنه! في ليموزين آخر بسائق باكستاني أصيل لاحظت أن جهاز الراديو في السيارة المتهالكة غير موجود، توقعت أنه تعرض لسرقة من ضمن السرقات التي لا يهتم بها الأمن العام، سألت السائق هل تعرضت لسرقة؟ أجاب بالنفي فالراديو في الورشة للإصلاح ولا يريد استعادته. قلت أحسن، فمن يرغب براديو في هذا الزمن! إجابتي جعلته يبوح إذ فوجئت بأنه يتفق معي، هو الآخر ارتاح من صداع بعد خلع راديو السيارة وبقاء مكانه فارغاً إلا من أشلاء، الطريف في الأمر هو سبب استغنائه عن الجهاز، قال إن الراديو يسبب له مشكلات مع الركاب، إذا ركب شاب قال له «حط الأم بي سي» ويرفع الصوت، وإذا ركب «مطوع» قال «ليش تحط الأم بي سي»! قلت سبحان الله سيارات الليموزين لو نطقت فهي ستعبر أدق تعبير عن المجتمع والحكومة. www.asuwayed.com