نموذج لحالة التكيف التي نعيشها مع ظواهر وقضايا من دون مواجهة حقيقية، خبر نشر الأسبوع الماضي ولم يجد حقه من الاهتمام، ولولا ان الزميل خالد السليمان التقطه ليكتب عنه لحقق الخبر جائزة أقل الأخبار تفاعلاً. يقول الخبر إن دوريات الأمن في محافظة جدة، خلال ثلاثة أسابيع - فقط - ضبطت 1164 سائق ليموزين مخالفين الأنظمة ومشتبهاً بهم في قضايا جنائية وأخلاقية، خلال حملة أمنية واسعة شملت أحياء المحافظة. وقال العقيد سعد الغامدي مدير إدارة أمن محافظة جدة ان الحملة أسفرت عن ضبط قضايا جنائية وكشف غموض بعض الجرائم، وقدم نموذجاً لذلك في القبض على عصابة «ليموزينية» من أربعة اشخاص تقوم بسرقات من خطف الشنط النسائية إلى سرقة الأغنام. أركز على درجة اهتمام الإعلام لدينا، ولا أريد المقارنة بقضايا أخذت من الصحافة والإعلام جانباً كبيراً من الاهتمام والتفاعل، من زواج القاصرات إلى سحر القضاة، لأن هذه القضايا أيضاً مهمة، لكن لمَ يتراجع التفاعل مع مثل هذا الخبر إلى هذا الحد؟ أعتقد انها حالة التكيف، لقد تعودنا على ارتباط بعض سيارات ليموزين بقضايا من هذا النوع، وليست المسألة في السيارة أو السائق وجنسيته بل في النظام - إن جاز التعبير - الذي ينظم هذه الخدمة. فلا قيود واضحة والفوضى هي أقرب وصف لنظام خدمة الليموزين، وهي تمثل في حالات منها نموذجاً عجيباً «للبزنس» وللتراخيص ولبيع السيارات بالتقسيط ولتمليكها للسائقين بالإيجار اليومي من غلة المشاوير، كل هذه الضغوط يمكن ان تفعل فعلها، ومع سهولة الحصول على سيارة ليموزين والتجول بها في كل مكان، من السهل على من شاء استخدامها، إنها أفضل وأيسر وسيلة للتغلغل في المجتمع. هذا ليس بالأمر الجديد، نكتب عنه منذ زمن بعيد، لكنه استفحل مع ضعف الاهتمام وعدم إعادة النظر والإصلاح له، فجاءت إحصائية الثلاثة اسابيع مثيرة لدهشة البعض وصادمة لبعض آخر لأن الإعلام لم يتفاعل معها. لدينا هنا ظاهرة واضحة المعالم محددة الأطراف، بارزة الضرر الأمني والاجتماعي، تشكل هاجساً ضاغطاً على السكان من مواطنين ومقيمين، فلماذا لا يتم إصلاحها؟ ما الذي يمنع ذلك خصوصاً أن الأمر من زاوية التنظيم ليس من الصعوبة بمكان، وأنا هنا لا أتحدث عن السعودة ولا عن منع الخدمة بل عن تنظيمها بصورة لا تقبل سوء الاستغلال حتى للسائقين أنفسهم. www.asuwayed.com