اشتعلت أمس جبهة شبه جزيرة سيناء مجدداً، بعدما قتل 6 عسكريين وجرح 17 بينهم 7 مدنيين، في هجوم نفذه انتحاريون بسيارتين مفخختين استهدف مبنى الاستخبارات الحربية في مدينة رفح (شمال سيناء). وفيما اعتبر مصدر عسكري أن الحادث «ردٌّ من الإرهابيين على الهجمات المكثفة التي شنها الجيش خلال الأيام الماضية»، ظهر أن مسلحي سيناء غيّروا من إستراتيجيتهم، فاعتمدوا على السيارات المفخخة والتفجير من بعد، على عكس الأيام السابقة حين انتهجوا سياسة المواجهات المسلحة المباشرة. وقال الناطق باسم الجيش العقيد أحمد محمد علي في بيان مقتضب: «شنت العناصر الإرهابية من التكفيريين والإجراميين عملية غادرة باستخدام عربتين محملتين بكميات كبيرة من المتفجرات استهدفت عناصر التأمين في مدينة رفح في شمال سيناء، ما أدى إلى قتل 6 من العسكريين وإصابة 17 آخرين بينهم 7 من المدنيين... إلى جانب تدمير عدد من المنشآت المدنية المحيطة بمنطقة الحادث». وأفاد مصدر عسكري مسؤول أن قوات الجيش فوجئت بارتطام سيارتين مفخختين بالبوابة الرئيسية لمبنى الاستخبارات الحربية في مدينة رفح، ما أدى إلى وقوع انفجار عنيف، تهشم على أثره جزء كبير من سور المبنى وواجهته وأحدث اهتزازاً عنيفاً في البنايات المجاورة، وأشار إلى أنه عثر على أشلاء يرجح أن تكون لانتحاريين كانوا يقودون السيارتين. وقال مصدر طبي إنه تم نقل 17 جريحاً بينهم 7 مدنيين (4 رجال و3 سيدات) إلى مستشفى رفح المركزي ومستشفى العريش لإسعافهم. وسارعت السلطات المصرية إلى إغلاق معبر رفح البري أمام حركة العبور من الجانبين لأسباب أمنية، كما كثّفت نشر المكامن وإجراءات التفتيش لجميع القادمين والمغادرين لمدينة رفح للتحقق من شخصيتهم وتوقيف المشتبه فيهم والمطلوبين منهم والتأكد من خلو السيارات التي يستقلونها من المتفجرات. ويأتي الهجوم بعد أيام من عملية عسكرية وصفت ب «الأكبر من نوعها»، قامت بها قوات الجيش المصري على مدن شمال سيناء، وإعلان قتل وتوقيف عشرات المسلحين. وأعلنت قوات حرس الحدود المصرية أمس ضبط أحد العناصر الإرهابية في سيناء إضافة إلى إحباط محاولة تسلل 277 شخصاً عبر الحدود. وأعلنت جماعة «أنصار بيت المقدس» التي تتخذ من سيناء مقراً لها، تبنيها لهجمات استهدفت قوات الجيش، لكن ظهر من بيان أصدرته على شبكة الإنترنت هذه الجماعة الجهادية التي كانت قد أعلنت قبل أيام تبنيها استهداف موكب وزير الداخلية المصري محمد إبراهيم في القاهرة، عدم وجود ارتباط بين هجماتها التي استهدفت قوات الجيش وانفجار مبنى الاستخبارات الحربية أمس. فقد أوضحت الجماعة أنها نفّذت عمليات ضد قوات الجيش خلال الساعات الماضية ودمّرت سيارة لاند كروزر تابعة للجيش في قرية اللفيتات، وعربة «همر» عسكرية بعبوة ناسفة خلال توجهها من الشيخ زويد إلى قرية الجورة ما أدى «إلى مقتل 6 من عناصر القوات الخاصة». وأشارت أيضاً إلى أنها استهدفت 3 مدرعات بعبوات ناسفة، ما أدى إلى إعطابها، لافتة إلى مقتل أحد عناصر المجموعات الجهادية، ويدعى ناصر أبو جهيني. وأضافت الجماعة في بيان حمل بعنوان «بخصوص الحملة الموسعة على سيناء»، أن الهدف من العملية التي يقوم بها الجيش في سيناء هو تأمين المنطقة الحدودية مع الجانب الإسرائيلي و «ليس ضرب وتصفية البؤر الإجرامية والإرهابية كما أعلنوا». وأكد البيان أن ما يقوم به الجيش هو «حملة ترويعية» لكل أهالي المنطقة «فأراد المجاهدون تفويت هذه الفرصة على تلك القوات وحماية الأهالي وتجنيبهم المخاطر والخسائر بلا ذنب». وبرز اسم جماعة «أنصار بيت المقدس» عقب «ثورة يناير»، حين تبنت عمليات تفجير خطوط إمداد الغاز إلى إسرائيل والأردن، إضافة إلى إطلاق صواريخ على مدن إسرائيلية، لكن نشاطها خفت مع وصول الرئيس السابق محمد مرسي، لتعود إلى الظهور مجدداً بعد أكثر من شهر من عزله بتبنيها استهداف موكب وزير الداخلية المصري في حي مدينة نصر (شرق القاهرة). من جانبه، أوضح منظّر فكر المراجعات في الجماعة الإسلامية ناجح إبراهيم أن «أنصار بيت المقدس» موجودة بقوة في شبه جزيرة سيناء، وهي أحد روافد التنظيمات التي تعتنق فكر القاعدة والتي تؤمن ب «تكفير المجتمع ومؤسساته ومن ثم التفجير». وقال: «هي موجودة على الأرض وقامت بعمليات قبل وصول مرسي إلى سدة الحكم، كما ينسب اليها استهداف جنود الجيش في رفح في شهر رمضان قبل الماضي، وخطف جنود الشرطة»، لافتاً إلى أن من أهم عوامل نشاطها هذه الأيام «عزل مرسي وفض اعتصام الإخوان في رابعة العدوية، إضافة إلى الخطاب التكفيري الذي أطلق على منصات الإخوان، وشعارات الشرعية أو الدماء، ناهيك عن فوضى السلاح». ورأى إبراهيم في حديث إلى «الحياة» أن تلك الجماعة الجهادية لديها «روابط» بقطاع غزة حيث يتم تدريب أعضائها داخل القطاع، كما أنها تحصل على سلاح قادم من ليبيا. وأشار إلى أن بعض الذين خرجوا من السجون عقب «ثورة يناير»، يقودون جماعات مسلحة في سيناء. وبعض هؤلاء محكوم عليه بالإعدام في قضايا تفجيرات دهب وشرم الشيخ. ودان مفتي الجمهورية الدكتور شوقي علام حادث تفجير مبنى الاستخبارات العسكرية في حي الإمام بمدينة رفح. ودعا المفتي إلى سرعة التحرك لاتخاذ كل التدابير والإجراءات الحازمة التي من شأنها «أن توفر الأمن والحماية للمواطنين ولمنشآت الدولة الحيوية، وردع أي عدوان على سيناء من المخربين والخارجين على القانون».