استولى مقاتلو المعارضة على مدينة معلولا المسيحية قرب دمشق، في وقت اتهم رئيس «الائتلاف الوطني السوري» المعارض أحمد الجربا وقائد «الجيش الحر» اللواء سليم إدريس أمس نظام الرئيس بشار الأسد ب «ارتكاب جرائم عبر شبيحته لتشويه صورة الثوار». كما حذرت المعارضة من كارثة إنسانية بعد استهداف الطيران الحربي سد الطبقة على نهر الفرات في شمال شرقي البلاد. وقال مدير «المرصد السوري لحقوق الإنسان» رامي عبدالرحمن لوكالة «فرنس برس» أمس: «ليلاً دخلت قوات النظام إلى المدينة، لكنها عاودت الانسحاب نتيجة دخول أعداد كبيرة من مقاتلي الكتائب المقاتلة إلى البلدة، التي سيطرت عليها في شكل كامل». وأكدت امرأة من سكان المدينة في اتصال هاتفي انسحاب الجيش وانتشار مقاتلي المعارضة في المدينة. وقال «المرصد» إن المعارك أدت إلى سقوط 17 قتيلاً وأكثر من مئة جريح من مقاتلي المعارضة وعشرات القتلى والجرحى في صفوف القوات الحكومية. وأكدت سيدة تقيم في معلولا في اتصال هاتفي انسحاب الجيش وانتشار مسلحي المعارضة في معلولا إحدى أقدم البلدات المسيحية وأشهرها في سورية. وأضافت أن الوضع هادئ صباح أمس، مضيفة أن «مسلحي المعارضة داخل معلولا في كل المدينة وقوات الحكومة تنسحب». وقال «الائتلاف الوطني السوري» المعارض إن النظام يسعى إلى «لعب كل أوراقه وأكثرها قذارة في محاولة بائسة منه لتشويه صورة الثورة وتأليب العالم الحر عليها. وكنا قد حذرنا مراراً من استغلال النظام ورقةَ الأقليات من خلال ادعائه بأنه حاميها، في حين نعرف جيداً أنه يستهدفها في وجودها كما استهدف كل السوريين منذ أربعين سنة. وخلال الثورة حرص النظام على استهداف الأقليات في أكثر من واقعة في إطار حربه المفتوحة على السوريين، وحاول إلصاق التهمة بالثوار»، مشيراً إلى أن النظام يسعى إلى «توجيه رسالة يائسة إلى العالم مستخدماً مجدداً دماء السوريين ولاعباً على وتر الأقليات في آن واحد (...) عبر إعطاء انطباع بأن الثوار الذين يطالبون بحرية الشعب السوري وحوش ضارية تريد افتراس الأقليات وبأن النظام الديكتاتوري الطائفي الذي قتل ونكل وهجر ملايين السوريين يريد حماية الأقليات». وتابع التكتل المعارض أن ما حصل في معلولا «وما قد يحصل من إجرام وفجور كنا قد حذرنا منه قبل حدوثه، هو عينات من إبداعات هذه العصابة التي تخطف سورية. وتهمنا الإشارة إلى أن النظام يرتكب هذه الجرائم بأيدي شبيحته سواء ظهروا بوجوههم السافرة أو عبر بعض الواجهات المموهة من أصناف الشبيحة وما أكثرها في سورية»، مؤكداً «أننا نعمل بكل جهد لحماية كل السوريين، ووجهنا الجيش الحر إلى ضرورة التركيز على حماية الأقليات. وتم تكليف قوات خاصة من الجيش الحر تأمينَ الحماية لأهلنا في معلولا، خصوصاً للأديرة والمقدسات. ونحن في الائتلاف والجيش الحر نؤكد ونجدد أمام العالم سعينا إلى حماية كل سورية وسوري بكل ما أوتينا من قوة». وفي شمال شرقي البلاد، أفادت مصادر المعارضة بأن الطيران الحربي قصفت بالبراميل المتفجرة أطراف سد الفرات في مدينة الطبقة. وبث نشطاء فيديوات أظهرت أعمدة الدخان تتصاعد من مكان التفجير وهدير طائرة حربية تقصف أطراف السد. وقال ناشط إن إحدى القذائف سقطت على بعد 15 متراً من بوابات المفيض قرب مولدات الطاقة الكهربائية، لكن التفجير لم يطاول البوابات، مشيراً إلى أن التفجير لو حدث في بوابات المفيض لحصلت كارثة إنسانية نتيجة غمر مياه البحيرة آلاف المدنيين في القرى السورية والعراقية. وكان سد الفرات دشن في بداية السبعينات ويرتفع أكثر من 60 متراً، وتشكلت وراءه بحيرة بطول 80 كيلومتراً وعرض حوالى ثمانية كيلومترات. وتخزن البحيرة حوالى 14 بليون متر مكعب من المياه. ويعتبر السد من المصادر الرئيسة لتوليد الكهرباء وتنظيم تدفق المياه المقبلة من تركيا إلى العراق. وينص اتفاق بين سورية وتركيا على تمرير حوالى 500 متر مكعب في الثانية إلى سورية. وكان «الجيش الحر» سيطر على معظم محافظة الرقة عدا مطار الطبقة العسكرية والفرقة 17 واللواء 93. وقال «الائتلاف» في بيان أمس: «في سابقة خطيرة من نوعها، قام الطيران الحربي التابع لسلاح الجو في قوات الأسد، بإلقاء براميل متفجرة على مدعمات سد الفرات وأساساته ما يشكل تهديداً كبيراً لمصير ملايين السوريين في عموم سورية وعلى وجه الخصوص القاطنين منهم في المحافظات الشرقية». وزاد: «يكشف هذا الاستهتار الهائل بحياة ملايين الناس، وهذا التهور وانعدام المسؤولية الذي بات جلياً أمام كل متابع للأحداث في سورية، أن نظام بشار يحاول في شكل مباشر أو غير مباشر، ارتكاب جريمة إبادة جماعية بحق أبناء المنطقة الشرقية في دير الزور والرقة على وجه الخصوص». وبعدما أشار التكتل المعارض إلى أن النظام السوري يعمل على افتعال «كارثة إنسانية عظمى لا يبدو أنه يدرك حجمها، من خلال الاستهداف المتعمد لأكبر مجمع مائي في سورية، وأهم مصدر من مصادر توليد الطاقة الكهربائية في البلاد، إضافة إلى كونه محاطاً بمناطق سكنية مأهولة، وقد يسبب تدمير جزء منه فيضاناً يودي بأرواح الآلاف إن لم يكن الملايين»، دعا إلى «إنهاء هذا العهد المظلم من تاريخ سورية بالضرب على يد الاستبداد الموغلة في الدماء والدمار». واستمرت الاشتباكات بين مقاتلي «وحدات حماية الشعب» الكردي من جهة ومقاتلي الكتائب المقاتلة و «الدولة الإسلامية في العراق والشام» و «جبهة النصرة» في القرى الغربية لتل أبيض في الرقةمن جهة ثانية. وقال «المرصد» إن مواجهات جرت عند أطراف بلدة اليعربية على الحدود مع العراق بين مقاتلين أكراد ومتشددين. وفي شمال غربي البلاد، قصف الطيران المروحي بالبراميل المتفجرة مناطق في بلدة معربليت في ريف إدلب، في وقت دارت اشتباكات عنيفة في منطقة جبل الأربعين في محاولة من القوات النظامية السيطرة على المنطقة، ووردت أنباء عن خسائر في صفوف الطرفين. وقُتل ستة من عناصر «الجيش الحر» في اشتباكات في مدينة أريحا المجاورة التي كانت سيطرت عليها قوات النظام وموالون لها. وفي دمشق، تعرضت مناطق حي القابون لقصف عنيف مع حصول اشتباكات عند الأطراف الشمالية لحي جوبر في شمال شرقي العاصمة، وورود معلومات عن سقوط قتلى. كما قصفت قوات النظام معضمية الشام في جنوب غربي العاصمة مع استمرار المواجهات بين قوات الأسد ومقاتلي المعارضة.