قال وزير الخارجية الأميركي جون كيري في باريس امس ان «غالبية واسعة من أعضاء الكونغرس الأميركي لم تتخذ قرارها بعد حول الرد المناسب على الهجوم الكيماوي الذي شنته قوات بشار الأسد في ريف دمشق الشهر الماضي، لذا عرضت الإدارة أفلاماً وثائقية عن ضحايا الهجوم، ولذا سأعود غداً للتحدث مع الكونغرس، والرئيس (باراك اوباما) سيتحدث أيضاً مع الشعب الأميركي لكي يتأكد الجميع في الولاياتالمتحدة من خطورة ما حصل». وأضاف ان «الأفلام الوثائقية تؤكد ان هذه ليست أحداثاً مجردة فهي تظهر أطفالاًَ وبالغين تعرضوا للغازات وهذا غير مسموح به، والولاياتالمتحدة لن تسمح بما يعارض قيمها، ولذا من المهم ان يرى الشعب الأميركي ان اسلحة كيماوية استخدمت بعدما تم حظرها منذ العام 1925». وأكد كيري ان «نظام الأسد استخدم السلاح الكيمياوي 11 مرة» في مواجهاته مع المعارضة، مشدداً على وجوب ردعه عن استخدامه مجدداً، وقال «إذا لم نتصرف في سورية، عندئذ ستكون الرسالة الى حزب الله وإيران انه بإمكانهما استخدام السلاح الكيماوي أيضاً». وكان الوزير الأميركي يتحدث بعد اجتماع مع تسعة وزراء عرب أعضاء في «لجنة المبادرة العربية لمفاوضات السلام» برئاسة وزير خارجية قطر خالد العطية، وبعد اجتماعين ثنائيين مع وزيري الخارجية السعودي الأمير سعود الفيصل والمصري نبيل فهمي في بيت السفير الأميركي في باريس بحضور الأمين العام لجامعة الدول العربية نبيل العربي. وقال كيري عن لقائه مع سعود الفيصل ان المملكة وقعت بيان مجموعة العشرين وهي تؤيد ردع النظام السوري. وخلال المؤتمر الصحافي المشترك مع العطية، قال كيري إن الإدارة الأميركية لم تستبعد إمكان العودة إلى مجلس الأمن للحصول على قرار حول سورية بمجرد أن ينتهي مفتشو الأسلحة التابعون للأمم المتحدة من وضع تقريرهم. وأضاف أن أوباما لم يتخذ قراراً بهذا الخصوص بعد. وقال وزير الخارجية القطري إن «أطرافاً خارجية عدة تتدخل منذ ثلاث سنوات في القتال في سورية، وإنه بعد تطور القتال إلى استخدام السلاح الكيماوي لا يمكن البقاء مكتوفي الأيدي إزاء ما يجري»، مؤكداً دعمه بيان مجموعة ال 12 من مجموعة العشرين وداعياً باقي الدول إلى التدخل لحماية الشعب السوري، موضحاً أن بلاده تدرس ما يمكن أن تقدمه في هذا الخصوص. وقال الأمين العام للجامعة ل «الحياة» بعد الاجتماع مع كيري «عولنا على دعوة الأممالمتحدة والمجتمع الدولي لأخذ إجراءات رادعة تمنع استخدام الأسلحة الكيماوية وأن يكون ذلك في إطار الميثاق وطبقاً للقانون الدولي. هذا موقف الجامعة العربية... بعض الوزراء قد يقولون أشياء مختلفة ولكن هذا موقف الجامعة العربية». وعلمت «الحياة» من مصادر مطلعة أن الاجتماع مع الوزراء العرب الذي حضره سفير الولاياتالمتحدة السابق في سورية روبرت فورد اضافة إلى السفير مارتن انديك المسؤول عن مفاوضات السلام ان كيري وضع المجتمعين في صورة ما ينوي القيام به من جهود لإقناع الكونغرس برد قوي على الهجوم الكيماوي وأيضاً عن رغبته في توجيه رسالة قوية الى «حزب الله» وإيران. وفي الإطار نفسه، اعلن وزير الخارجية الفرنسي لوران فابيوس امس ان باريس وواشنطن «لا تحتاجان» الى تعهد عسكري من كل الدول الأوروبية للتدخل في سورية، وقال لقناة «فرانس 3» التلفزيونية «لسنا بحاجة مادياً وعسكرياً لتعهد كل الدول. معظم هذه الدول ليس لديها الوسائل للقيام بذلك. انه دعم سياسي». وكان وزراء الخارجية الأوروبيون دعوا السبت في العاصمة الليتوانية فيلنيوس الى «رد قوي وواضح» على الهجمات الكيماوية مؤكدين وجود «قرائن قوية» تحمّل النظام السوري المسؤولية عنها. وقال فابيوس «تحركت الأمور في نهاية الأسبوع. كلما أوضحنا الوضع تحركت الأمور». وأضاف ان «الدول ال 28 لم تقل لا تريد تدخلاً عسكرياً، بل انها في العمق تؤيد تحليلنا، بعد ان شرحت وجون كيري الوقائع». وأظهر استطلاع لمعهد ايفوب ان اكثر من ثلثي الفرنسيين (68 في المائة) يعارضون مشاركة عسكرية فرنسية ضد نظام دمشق. وقال فابيوس «هناك ثلاثة أسباب لشكوكهم ويجب ان نرد على كل سبب: نعم وقع هجوم كيميائي، ونعم نظام الأسد مسؤول عنه، ونعم إننا معنيون لأن هناك عدداً كبيراً من الفرنسيين في المنطقة، وأيضاً إذا سمحنا بانتشار الإرهاب واستخدام الأسلحة الكيماوية اصبحنا كلنا مهددين». وخلص إلى القول «وإذا اردنا حلاً سياسياً يجب ان يكون هناك عقاب وردع لنظام الأسد». وعلمت «الحياة» ان فورد التقى أمس رئيس «اتحاد الديموقراطيين السوريين» ميشال كيلو. الى ذلك قال العربي ل «الحياة» حول المحادثات مع كيري بشأن مفاوضات السلام بين الفلسطينيين واسرائيل «تحدثنا عن بعض الامور المرفوضة مثل استمرار اسرائيل في بناء المستوطنات وتعاملها باسلوب لا يتفق مع هدف المفاوضات وهو انهاء النزاع وليس الاستمرار في ادارته، مثل الهجوم على مخيم قلندية ومقتل عدد من الاشخاص. واعربنا عن موقفنا ايضا بالنسبة الى المسجد الاقصى، وفي الوقت نفسه نعترف بأن كيري يقوم بجهد كبير لانهاء النزاع خلال تسعة اشهر». واوضح كيري في المؤتمر الصحافي ان «الطرفين الفلسطيني والاسرائيلي مستمران في التزامهما مواصلة الحوار وتحقيق هدف قيام دولتين لشعبين يعيشان جنبا الى جنب في امن وسلام». واضاف ان «الرئيس الفلسطيني محمود عباس ورئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتانياهو ابديا جدية في اطلاق الحوار، وكلاهما تحمل مخاطر سياسية امام شعبه وقدما الى المفاوضات رغم تحفظات البعض». واشار الى انه سيلتقي عباس في غضون ساعات في سيلتقي نتانياهو قريبا. ودان الوزراء العرب استمرار اسرائيل في المستوطنات لكن كيري قال ان نتانياهو يتعرض ضغط كبير ويجب اخذ الرأي العام الاسرائيلي في الاعتبار، ورد الوزراء العرب بأن لديهم ايضا رأي عام ينبغي مواجهته.