يتوجّه اليوم حوالى أربعين مليون ناخب روسي إلى صناديق الاقتراع لانتخاب ممثليهم في المجالس المحلية في المدن والأقاليم، وحكام المحافظات والمجالس التشريعية للجمهوريات التي تتمتع بحكم ذاتي. وتتجه أنظار المراقبين خصوصاً، نحو موسكو حيث يشارك في المنافسة على منصب محافظ المدينة أليكسي نافالني أبرز رموز المعارضة لسياسات الرئيس فلاديمير بوتين. وفرضت السلطات المختصة تدابير أمنية في غالبية المحافظات والمدن التي ستجرى فيها الانتخابات، وأعلن أمس عن انتهاء حملات الدعاية لنحو 7 آلاف عملية انتخابية مستويات مختلفة. وسيختار الناخبون في مناطقهم 8 حكام لأقاليم ومحافظين لمدن كبرى و16 مجلساً اشتراعياً محلياً، فضلاً عن مئات مجالس إدارة محلية في عشرات المناطق. وعلى رغم التنافس القوي بين الأحزاب السياسية الكبرى الممثلة في البرلمان لتحسين وجودها عبر العمليات الانتخابية في الأقاليم، لكن عمليات التصويت المنتظرة لم تكن لتلفت الأنظار كثيراً، كونها تقليدية ولا تحظى بأهمية كبرى، وبسبب توقعات بأن يكتسح مرشحو حزب السلطة «روسيا الموحدة» الموالي لبوتين في غالبية المدن. لكن العنصر الأهم الذي تركزت الأنظار عليه، هو الوضع في موسكو التي شهدت حملة انتخابية نشطة جداً للمرة الأولى منذ أعوام طويلة، بسبب خوض نافالني المنافسة، وهو سياسي شاب برز نجمه بقوة عندما شارك في تنظيم فعاليات احتجاجية واسعة ضد سياسات الكرملين، خصوصاً بعد انتخابات البرلمان الروسي الأخيرة التي وصفتها المعارضة بأنها شهدت عمليات تزوير واسعة النطاق. وزاد من سخونة الموقف تعرّض نافالني لملاحقة قضائية بتهمة اقتصادية قال إن السلطات «لفقتها» لإبعاده عن الساحة السياسية. وأصدرت محكمة روسية قراراً قبل شهرين بسجن نافالني خمس سنوات، ثم اضطرت السلطات تحت ضغط شعبي وسياسي إلى الإفراج عنه لحين النظر في الاستئناف المقدّم. وخاض نافالني حملة انتخابية نشطة جداً، طرح خلالها سلسلة مبادرات لإصلاح أوضاع المدينة وحظي بتأييد واسع في أوساط الشباب. ما اضطر منافسه الأساسي القائم بأعمال محافظ موسكو سيرغي سيوبيانين إلى امتداح «النشاط المميز» للمنافس. وبدا نافالني واثقاً من النصر، معتبراً أنه «إذا لم تحصل عمليات تزوير وانتهاكات فإن النصر سيكون حليفنا في الجولة الثانية»، معرباً عن ثقته بأن المعركة الانتخابية لن تحسم من الجولة الأولى. لكن استطلاعات أشارت إلى أن سيوبيانين الذي يخوض المنافسة ممثلاً عن حزب السلطة سيتمكن من إحراز نصر من الجولة الأولى. ويتهم معارضون السياسي الموالي للكرملين باستخدام المقدرات الإدارية والمالية في محافظة موسكو لدعم حملته، وحذر بعضهم من أن حصول انتهاكات أو عمليات تزوير سيدفع المعارضين وأنصار نافالني للنزول إلى الشوارع مجدداً. علماً أن السياسي المعارض استعرض قوة أنصاره قبل يومين من موعد الاقتراع إذ اعتصم حوالى 15 ألف شخص الجمعة مطالبين بانتخابات نزيهة ورددوا شعارات تعبّر عن الثقة بفوز مرشحهم. وتعهّد نافالني في حملته بمكافحة الهجرة غير الشرعية وإجراء إصلاحات واسعة في العاصمة. لكن خبراء قللوا من فرصه في الفوز واعتبروا أن النتائج «محسومة سلفاً» لصالح سيوبيانين.