اقتحم أكثر من 40 مستوطناً صباح أمس المسجد الأقصى المبارك عبر باب المغاربة وسط حراسة مشددة من الشرطة الإسرائيلية، وذلك لمناسبة ما يسمى «رأس السنة العبرية»، في وقت دعت القاهرة إسرائيل إلى مراجعة إجراءاتها إزاء المسجد. وأفاد مدير دائرة أوقاف القدس وشؤون المسجد الأقصى الشيخ عزام الخطيب لوكالة «معا» بأن شرطة الاحتلال سمحت بإدخال «المتطرفين» إلى المسجد الأقصى في مجموعات، مشيراً إلى أن إحدى المجموعات مؤلفة من 25 مستوطناً، بينهم حاخامات، قامت باقتحام الأقصى من باب المغاربة وصولاً إلى باب السلسلة فقط، من دون أن تجول في ساحات الأقصى، في حين نفذت البقية الاقتحامات بشكل فردي وقامت بجولات في ساحاته. وقال حراس المسجد ل «الحياة» إن العشرات من المتدينين اليهود اقتحموا ساحات الأقصى في ساعات الصباح الأولى وحاولوا أداء الصلاة فيها، لكن المصلين تصدوا لهم. وأوضحوا أن المستوطنين دخلوا إلى ساحات المسجد ضمن أفواج السياح الأجانب الذين يدخلون وفق برنامج يومي يبدأ تمام الساعة السابعة والنصف صباحاً وينتهي عند الحادية عشرة قبل الظهر، لكن المصلين المرابطين في المسجد تعرفوا عليهم من خلال الزي الأسود الطويل الذي يرتديه المتدينون «الحريديم»، ومنعوهم من أداء الصلاة، وأجبروهم على المغادرة. وقال شهود إن عدداً من الحاخامات كان يرتدي «لباس الهيكل» في محاولة لاستفزاز مشاعر المرابطين في المسجد الأقصى منذ صباح امس، علماً أن العشرات من المقدسيين وأهالي ال 48 تصدوا أول من أمس لدعوات جماعات يهودية متطرفة لاقتحام جماعي للأقصى لوضع حجر الأساس «للهيكل». ويحاول بعض الجماعات الدينية اليهودية كل عام الاحتفال برأس السنة العبرية في باحات المسجد، علماً أن أعداد أفراد هذه الجماعات زادت بصورة لافتة العام الحالي. وشملت الاحتفالات برأس السنة العبرية هذا العام القيام بمسيرات في البلدة القديمة وفي محيط المسجد الأقصى. وتدعي جماعات دينية يهودية واسعة أن المسجد الأقصى مقام على انقاض «هيكل سليمان». وطالبت إسرائيل في المفاوضات السابقة مع الفلسطينيين بالسيادة على المنطقة الواقعة أسفل المسجد، وتقوم السلطات الإسرائيلية بأعمال حفر دائمة أسفل المسجد بحثاً عن آثار «الهيكل». وكانت ساحات الأقصى شهدت أول من أمس مواجهات مع قوات الاحتلال التي اقتحمت المسجد وحاصرت المصلين لأكثر من 3 ساعات واعتدت عليهم بغاز الفلفل السام، ما أدى إلى إصابة 70 منهم بحالات اختناق وحروق شديدة، كما اعتقلت أمس 15 مقدسياً أثناء محاولتهم الدخول إلى الأقصى. في هذه الإثناء، طالب الأمين العام لجبهة التحرير الفلسطينية، عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الدكتور واصل أبو يوسف بوقف المفاوضات رداً على الاحتلال الذي يواصل القتل والتهويد وتزوير الحقائق وتدنيس الأقصى، مشيراً إلى أنه ليس من المعقول الاستمرار في المفاوضات في ظل هذه الاعتداءات. ودعا إلى معالجة هذه الهجمة من خلال توحيد الموقف الفلسطيني أولاً، والدعوة إلى توحيد موقف عربي وإسلامي يلجم العصابات التي تسعى إلى إكمال مشروعها الصهيوني على حساب الشعب الفلسطيني. وأكد أبو يوسف أهمية تصعيد المقاومة الشعبية، مثمناً عالياً هبّة الشعب الفلسطيني في الدفاع عن المسجد الأقصى، وطالب الأمتين العربية والإسلامية بالتحرك الجاد والفاعل لحماية الأقصى والمقدسات في القدس التي تتعرض إلى عملية تهويد مستمرة وتطهير عرقي من الاحتلال، مطالباً بتوفير الحماية للقدس، وتعزيز مقومات الصمود لأهل هذه المدينة حتى يتمكنوا من مواجهة الاحتلال وقطعان مستوطنيه. وأضاف: «ثبت بعد عشرين عاماً بأن هذه المفاوضات لم تغير أي شيء، فالاحتلال مستمر ويواصل جرائمه بحق شعبنا الفلسطيني، ويواصل انتهاكاته وممارساته واعتداءاته على مدينة القدس، خصوصاً أن ما نسمعه من حديث، يدور في جلسات التفاوض عن حل أمني ودولة ذات حدود موقتة ومنزوعة السلاح والسيادة، وسلام اقتصادي». وشدد على التوجه إلى الأممالمتحدة لمطالبتها بتنفيذ قرارات الشرعية الدولية ذات الصلة بعد أن تبددت أوهام الضغط الأميركي على حكومة الاحتلال لوقف الاستيطان ووضع حد لتنكيله بالشعب والأرض والمقدسات الإسلامية والمسيحية. القاهرة تستنكر واستنكر وزير الخارجية المصري نبيل فهمي اقتحام سلطات الاحتلال ساحات المسجد الأقصى وفرض إجراءات مشددة على دخول المقدسيين إلى البلدة القديمة والأقصى، قائلاً إن على إسرائيل مراجعة تلك الإجراءات. وذكر في بيان صادر عن وزارة الخارجية المصرية امس أن «استمرار سماح السلطات الإسرائيلية باقتحام المستوطنين للمسجد الأقصى يشكل استفزازاً لا يمكن القبول به لمشاعر الملايين من المسلمين». وحذر من أن «سياسات إسرائيل تحمل في طياتها بذوراً خطيرة قد تؤدي إلى إشعال فتيل الفتنة الدينية في المنطقة». وأكد أن على الجانب الإسرائيلي التراجع عن انتهاكاته بحق المقدسات والفلسطينيين من ساكني القدس ووقف حملة الاعتقالات الإسرائيلية ضدهم». ودعا السلطات الإسرائيلية «فوراً إلى مراجعة إجراءاتها الأخيرة التي دخلت حيز التنفيذ وحالت دون دخول المصلين البلدة القديمة والمسجد الأقصى». في سياق متصل، مددت محكمة الصلح الإسرائيلية في القدس أمس توقيف قاصريْن من البلدة القديمة في القدس، متهمة إياهما بالمشاركة في المواجهات التي جرت في محيط المسجد في اليوم السابق. واعتقلت الشرطة الإسرائيلية في هذه المواجهات 15 قاصراً وشاباً من البلدة القديمة، وأخلت في وقت لاحق سبيل 11 شاباً في مقابل التوقيع على كفالات مالية لضمان بقائهم في الحبس المنزلي. وقال محامي نادي الأسير مفيد الحاج إن محكمة الصلح مددت توقيف كل من القاصرين معتز حجازي ومؤيد السلايمة لاستكمال التحقيق معهما، مضيفاً أن عشرة جنود من القوات الخاصة اعتقلوه وضربوه ضرباً مبرحاً، في حين ادعت الشرطة أن الصفدي هاجم احد الجنود. وقال المحامي أن قيمة الكفالة التي فرضتها المحكمة على المفرج عنهم بلغت 10 آلاف شيكل (ثلاثة آلاف دولار)، موضحاً ان المحكمة تفرض على عائلات هؤلاء الشبان دفع قيمة الكفالة في حال خرق الحبس المنزلي.