اقتحمت الشرطة الإسرائيلية ساحات المسجد الأقصى المبارك مرتين، يوم أمس، وأطلقت قنابل الغاز والصوت، وانهالت بالضرب المبرح على مواطنين تصدوا لمحاولات جماعات يهودية متطرفة اقتحام المسجد قبل أن تقوم باعتقال نحو عشرين منهم، وتغلق أبواب المسجد لعدة ساعات تخللها قطع الكهرباء عن المسجد. وأعلنت مصادر طبية أن 24 فلسطينياً أصيبوا بجروح في مواجهات، امس، في حين أعلنت اذاعة الجيش الاسرائيلي أن تسعة شرطيين وصحافياً استرالياً اصيبوا بجروح في الأحداث نفسها. وبالمقابل، فقد صعّدت الجماعات اليهودية المتشددة من دعواتها لاقتحام المسجد، اذ عقد، امس، اجتماع للجمعية اليهودية القومية المتشددة "ارض اسرائيل لنا" التي يترأسها يهودا غليك، الذي يشجع منذ سنين اقتحام اليهود للمسجد بحضور عدد من الحاخامات منهم حاخام مستوطنة معاليه ادوميم، اضافة الى نواب الكنيست الاسرائيلي اوري اورباخ (البيت اليهودي)، واوري ارئيل وآريه الداد و ميخائيل بن آري (الاتحاد الوطني)، وعتنئيل شنلر (كديما)، وموشيه فايغلين من الليكود. وقال غليك لاذاعة الجيش الاسرائيلي، إن "الشعب اليهودي يجب أن يتوجه الى حائط المبكى وجبل الهيكل ليصبح هذا الموقع مكاناً للسلام والطمأنينة وليس مكاناً للكراهية والارهاب". ودعا المجتمعون الى تكثيف الاقتحامات للمسجد الاقصى، واحتجوا على ما سمّوه "المس بكرامة الحاخامين في التفتيشات على مدخل الحرم"، وقال يهودا غليك "نحن ندعو الجمهور لزيارة الحرم. هذا مكان مقدس لنا". وأكد الشيخ عزام الخطيب، مدير اوقاف القدس، ل"الأيام" ان اكثر من 300 من افراد الجيش والشرطة والقوات الخاصة الاسرائيلية اقتحموا ساحات المسجد مرتين، امس، واغلقوا ابواب المسجد واعتقلوا عددا من المواطنين الذين تواجدوا في المسجد، فيما اصيب اكثر من 20 مواطنا. وأضاف: إن وجود افراد الشرطة الاسرائيلية في ساحات المسجد منذ ساعات الصباح استفز المصلين، وادى الى وقوع هذه المواجهات التي تتحمل السلطات الاسرائيلية المسؤولية الكاملة عنها . واشار الخطيب الى أن الشرطة الاسرائيلية اشتبكت مع المصلين خلال اقتحامين للمسجد، وقال "لا بد من وقف هذه الاقتحامات التي تقوم بها جماعات يهودية متطرفة للمسجد الاقصى، ويجب على الحكومة الاسرائيلية ان تتخذ موقفا حاسما ازاء استفزازات المتطرفين اليهود، فهذه الاعمال تستفز مشاعر المسلمين في مكان يعتبر جزءا من العقيدة الاسلامية". واجبرت قوات الاحتلال عددا كبيرا من الفلسطينيين الذين تواجدوا في المسجد، ومن بينهم نساء، على إخلائه بقوة السلاح، فيما اعتقلت حاتم عبد القادر، مسؤول ملف القدس في حركة (فتح)، والشيخ علي أبو شيخة، مستشار الحركة الاسلامية في داخل الخط الاخضر الفلسطيني، ومحمود ابو عطا، الصحافي في مؤسسة الاقصى، واعتدت بالضرب على عدد من الصحافيين الذين تواجدوا في المكان. وقاد الاقتحام الاسرائيلي الى مواجهات اندلعت في انحاء مختلفة من مدينة القدس لا سيما في بلدة القدس القديمة وتحديدا منطقتي باب حطة وباب المجلس، كما وقعت مواجهات في حي راس العامود. وفيما امتنع عن الحديث عن أي اجراءات لوقف الاقتحامات الاسرائيلية للمسجد، فإن المفتش العام للشرطة الاسرائيلية دودي كوهين توعد المسلمين بالحزم، وقال في مؤتمر صحافي: الشرطة ستتعامل بيد من حديد مع من يقوم بأعمال شغب في الحرم ومن يقوم بأعمال التحريض ولا سيما من يقف وراء اعمال الشغب، داعيا رؤساء الحركة الاسلامية الى "التحلي بضبط النفس وعدم تهييج الخواطر"، وقال "الحرم القدسي الشريف سيبقى مفتوحا امام جميع ابناء الديانات" في اشارة الى عدم نية وقف الاقتحامات اليهودية للمسجد. واشارت الشرطة الاسرائيلية الى أن ثلاثة من أفرادها أصيبوا بجروح طفيفة من جراء تعرضهم لإلقاء الحجارة وأدخل احدهم الى المستشفى لتلقي العلاج، فيما قامت مروحية تابعة للشرطة الاسرائيلية بمساندة القوات الاسرائيلية في اقتحامها للمسجد وقمعها للمصلين فيه. وندد مركز القدس للحقوق الاجتماعية والاقتصادية بتعرض الشرطة الإسرائيلية بالضرب والاعتقال لأطقم المسعفين والمصورين الصحافيين في باحات المسجد الأقصى وفي محيطه، على الرغم من الإشارات الواضحة التي تدلل على طبيعة عمل هذه الأطقم. ووفقاً لإفادات باحثي المركز، فإن عناصر من الشرطة تعرضوا بالضرب العنيف لعدد من الصحافيين من أبرزهم: ديالا جويحان مراسلة وكالة (قدس نت) التي ضربت بقسوة في باحات المسجد ما استدعى نقلها إلى المستشفى. كما تعرضت الصحافية ميساء أبو غزالة مراسلة وكالة( pnn) الإخبارية للاعتداء خلال تواجدها في باب الأسباط، حيث أصيبت برضوض في إحدى رجليها بعد دفعها من قبل أحد عناصر الشرطة، في حين اعتدي بالضرب على المصورين الصحافيين عطا عويسات، ومحفوظ أبو ترك، ومحمود عليان خلال محاولات منعهم من ممارسة عملهم في تغطية الأحداث في البلدة القديمة. واشار المركز الى أن التعرض للمسعفين والأطقم الصحافية يعد انتهاكا فظا وخطيرا للمواثيق والأعراف الدولية ومسّاً بحرية عمل هذه الأطقم، خاصة التعرض لهؤلاء بالضرب العنيف والاعتقال، مطالبا بمحاسبة عناصر الشرطة الذين تورطوا في هذه الاعتداءات، ومساءلتهم قانونياً. وأشار باحثو المركز إلى أن أكثر من 30 مواطنا تعرضوا للإصابة خلال الاقتحامين اللذين نفذتهما الشرطة لباحات المسجد الأقصى ولأحياء في البلدة القديمة مثل حي باب المجلس وباب حطة، وحارة السعدية، وباب السلسلة، ومن بين المصابين نسوة تعرضن للضرب العنيف بالهراوات ما أدى إلى إصابتهن بكسور مختلفة، كما اعتقل أكثر من عشرين مواطنا من بينهم عدد من تلاميذ المدارس، خاصة من مدرسة الأيتام الإسلامية حيث اعتقل خمسة من طلابها على الأقل وتعرضوا للضرب. وأكد المركز أن التصرف العنيف للشرطة وتعاملها بسياسة القبضة الحديدية تجاه الاحتجاجات السلمية لم يكن له ما يبرره، وكان الأولى بها أن تمنع وصول المتطرفين اليهود إلى المسجد الأقصى، وأن تعلن صراحة قرارها بمنعهم من الدخول حتى تحت مسمى برنامج السياحة الأجنبية حفاظاً على قدسية المكان.