أعلن أعضاء في الوفد العراقي الذي شارك في الاجتماع الثلاثي الوزاري بين العراق وتركيا وسورية الجمعة الماضي، أن المطلبين الأساسيين اللذين طرحهما العراق في الاجتماع، كان أحدهما يهدف إلى تزويد العراق بحصص مائية عاجلة، والآخر لتحديد حصة ثابتة ومنصفة من نهري دجلة والفرات وفق اتفاق يوقع لهذا الغرض. ولفت المراقبين ما طرحه رئيس الوفد العراقي وزير الموارد المائية عبد اللطيف جمال رشيد في الاجتماع حول حاجة العراق الى تزويده بحصص عاجلة من المياه للتغلب على الحالة التي وصفها الوزير العراقي بالصعبة والمأسوية التي ألمت بالمحافظات الجنوبية بخاصة الناصرية والعمارة، لناحية النقص في كميات المياه التي تتزود بها ونوعيتها، إضافة إلى تصاعد نسب الملوحة في شط العرب فوق المستويات المقبولة للماشية، ما تسبب بهجرة آلاف العائلات من البصرة وترك مناطقها المتاخمة الى اجل غير مسمى. وبلغ مدى مياه الخليج العربي المالحة، بسبب انخفاض العائدات المائية، منطقة «أبى فلوس» شمال نقطة المصب السابق لنهر الكارون، وأوقف تالياً مشروع مياه شرب سيحان نهائياً وهو مشروع يغذي قضاء الفاو وناحية السيبة والقرى الواقعة على شريط شط العرب بأكمله، اذ تجاوزت نسب ملوحة المياه عشرة آلاف جزء من مليون في مقابل النسبة العالمية العظمى لشرب الحيوانات البالغة ألف جزء من مليون. يذكر ان مياه نهر الكارون قبل ان يتم تحويل مجراه ب «سداد غلق» كان يرفد شط العرب لوحده بكمية تتجاوز على ثمانية بلايين متر مكعب سنوياً تضاف إلى مياه نهري دجلة والفرات اللذين تأثرا بتنفيذ مشروع «الكاب» التركي، وكانت تسهم بدفع مياه الخليج المالحة الى خارج نطاق منطقة راس البيشة في قضاء الفاو، التي تعاني اصلاً - قبل فترات انحسار حصص حوضي النهرين وقطع مياه الكارون واشتداد موجة الجفاف التي تضرب العراق منذ عامين - من شح شديد في مياه الشرب، بلغت ذروته في المنطقة الجنوبية، في مقدمها محافظة البصرة. مدير المركز الوطني لادارة الموارد المائية في وزارة الموارد المائية نوه في تصريحات بأن اجتماع أنقرة يأتي استكمالاً لاجتماعات سابقة للجان الفنية الثلاثية بين العراق وتركيا وسورية، وأعرب عن أمله في أن يتمخض الاجتماع عن نتائج ايجابية تنهي ما سماه بالمعضلة التي يعيشها العراق، بخاصة بالنسبة إلى المياه الصالحة للشرب، التي تصاعدت حدتها السنة الحالية تحديداً ناهيك عن الموسم الزراعي المتردي الذي اوشك على الانتهاء وألحق خسائر فادحة بالفلاحين. مشكلة الملوحة المتزايدة في شط العرب دفعت بالمسؤولين الى الاسراع في البحث عن معالجات لتدارك النتائج الخطيرة المتوقعة، أبرزها ما أعلنه محافظ البصرة شلتاغ عبود، عن موافقة رئيس الوزراء نوري المالكي على المباشرة بتنفيذ مشاريع استراتيجية لمعالجة مشكلة مياه البصرة المالحة وخصوصاً مناطق الفاو والسيبة وابو الخصيب، وقال عبود إن رئيس الوزراء وافق على تخصيص بليون دولار لتنفيذ مشاريع استراتيجية طويلة الامد على مستوى المحافظة لمعالجة المشكلة جذرياً وإنقاذ البصرة من ملوحة الماء وشط العرب من المشاكل التي يعاني منها بسبب تغيير إيران مصب نهر الكارون والكرخة، ما أسفر عن ارتفاع نسب الملوحة في شط العرب، إضافة إلى مشاريع آنية لمعالجة المشكلة، فضلاً عن انشاء 10 محطات تصفية صغيرة في المناطق المتضررة وخصوصاً الفاو وسيحان، وقيام منظمات الأممالمتحدة العاملة في البصرة بواجباتها الانسانية في تنفيذ مشاريع عاجلة لحل هذه المشكلة وإرسال وفود فنية الى دول الخليج العربي وخصوصاً الكويت للإطلاع على تجاربهم في تحلية مياه البحر لغرض تنفيذ مشاريع مماثلة لتحلية مياه البصرة. يذكر ان مناطق الفاو وسيحان وابو الخصيب اعتبرت من المناطق المنكوبة بسبب الارتفاع الكبير في نسبة الملوحة فوق المعدلات المسموح بها دولياً ما تسبب بأضرار كبيرة جداً في الثروة الحيوانية والزراعية فضلاً عن هجرة عائلات كثيرة هذه المناطق إلى مناطق أخرى في المحافظة.