أظهر تقرير أصدره البنك الدولي عن مناخ الأعمال، تحسّن ترتيب اقتصادات دول شمال أفريقيا على رغم استمرار الضبابية السياسية والاقتصادية، وتأثر الاستثمارات الخارجية بأوضاع إقليمية غير مشجعة. وأشار التقرير إلى أن «المنطقة حققت 55 في المئة من الإصلاحات الاقتصادية والتجارية في مقابل 60 في المئة في شرق آسيا»، مضيفاً: «ان 11 دولة عربية من أصل 22 نفذت إصلاحات في مجال حرية الأعمال». واحتلت تونس المرتبة الأولى مغاربياً في مناخ الأعمال والمرتبة 60 في التصنيف العالمي من أصل 189 دولة، بينما جاء المغرب في المرتبة الثانية عربياً وال71 عالمياً، ومصر في المرتبة 112 والجزائر 145 وليبيا 188، بينما حلّت دول الخليج في مراتب متقدمة تقودها دولة الإمارات في المرتبة 22 عالمياً والسعودية 49 وقطر 50 والبحرين 53 وعُمان 66 والكويت 86. وأضاف: «على رغم استمرار الاضطرابات الإقليمية، بذلت اقتصادات مغاربية جهوداً ملحوظة في تحسين بنية الأعمال، خصوصاً في قطاع التجارة والمبادلات، إذ خفّض المغرب عدد المستندات وقلّص فترة انجاز إجراءات التصدير من 17 يوماً إلى 10 أيام كما في النمسا، وفي الجزائر أدى تحسين البنية التحية للمرافئ إلى تقليص فترة الشحن، كما حسّنت الجزائر سهولة ممارسة أنشطة الأعمال ومدى الاقتراب من الحد الأعلى للأداء». وخفّضت تونس الضرائب على الشركات، ولكن التجارة عبر الحدود أصبحت أصعب بسبب تقادم بنية الموانئ البحرية، في حين عززت مصر جهودها لحماية المستثمرين عبر إدخال متطلبات إضافية للموافقة على معاملات الأطراف المعنية وزيادة الإفصاح عن هذه المعاملات في البورصة، وإصلاح المجال التنظيمي لإدارة الأعمال. وأكد التقرير أن «تلك الإصلاحات، على رغم أهميتها، تبقى بطيئة مقارنة بالإصلاحات المطلوبة للمنطقة لجلب الاستثمارات الضرورية وتنشيط التنمية وإيجاد فرص عمل للشباب، وتحقيق معدلات نمو تزيد على سبعة في المئة المطلوبة للتغلب على الصعوبات الداخلية الاقتصادية والاجتماعية». واعتبر أن «النمو المحقق غير كافٍ لمواجهة التحديات المستقبلية، وتراجع أسعار مواد استراتيجية مثل الطاقة، إلى جانب تقلبات المناخ في دول تعتمد على الزراعة مثل المغرب وتونس، ليس امراً سهلاً». وكشف أن «آفاق النمو في دول شمال أفريقيا لعام 2015 قد تكون أفضل من عامي 2012 و2013 حين شهدت المنطقة قلاقل واضطرابات، وقد يشهد كل من تونس ومصر تعافياً طفيفاً في معدلات النمو الذي سيراوح بين 2.7 و3.1 في المئة، وقد يصل إلى 4.3 في المئة في المغرب، ونحو 3.5 في المئة في الجزائر». ولفت التقرير إلى أن «العجز المالي وبرامج الإصلاح غير المكتملة التي تشمل أنظمة الدعم ومناخ الأعمال وإصلاح القطاع العام، وعدم تكافؤ الفرص بين المناطق والفئات، يشكل حجر عثرة أمام جذب الاستثمارات الأجنبية والمحلية لتنشيط النمو». وتنفق دول شمال إفريقيا بين 5 و10 في المئة من الناتج المحلي على برامج الدعم الاجتماعي الذي لا تستفيد منها الفئات الفقيرة في معظم الأحيان ويكتنفها كثير من ضعف الحوكمة والشفافية وسوء التدبير. وأضاف التقرير «أن عدم الاندماج الإقليمي المغاربي يعتبر عنصراً سلبياً يضاف إلى تشوهات المنطقة سياسياً واقتصادياً، ويساهم في تقليص جاذبيتها للاستثمارات الخارجية، ويعزز أعباءها الاجتماعية». وأشار إلى أن «الآفاق المتوسطة الأجل لمنطقة شمال أفريقيا والشرق الأوسط تبدو قاتمة، نظراً إلى تأثير الأزمات التي كلفت 168 بليون دولار خلال ثورات الربيع العربي بين عامي 2011 و2013، وأضرّت بأكثر من 10 ملايين شخص، خصوصاً في سورية، كما خسرت المنطقة العربية 19 في المئة من ناتجها الإجمالي، وزادت معدلات البطالة واتسع الفقر».