يشهد الشارع، حيث مقر جبهة التحرير الوطني الحزب الحاكم في الجزائر، في حيدرة أعالي العاصمة يخلو من محتجين على مدار أسابيع كاملة، ويراوح المحتجين بين مناضلين ساخطين وقيادات محلية قدمت لدعم الأمين العام الجديد عمار سعداني ضمن حراك «عنيف» تصفه القيادة الحالية ب «الظاهرة الصحية» وخصومها ب «مؤشرات لميول الحزب في انتخابات الرئاسة المقبلة». وأرجأ الأمين العام الجديد إعلان تشكيلة المكتب السياسي الجديد، ويقال انه سيطرد أربعة وزراء يميلون إلى مرشح منافس للرئيس عبد العزيز بوتفليقة. ولا يتوقع المراقبون انتهاء أزمة الحزب، الذي يسيطر على غالبية البرلمان والمجالس المحلية والحقائب الوزارية وينتمي إليه رئيس البلاد، بمجرد انتخاب سعداني أميناً عاماً في ظروف غير طبيعية، وفي عملية تزكية نسقها شقيق الرئيس عبد العزيز بوتفليقة واركانه. ويعتقد المراقبون ان «المناوشات» بين الرئيس وخصومه ستستمر حتى موعد اختيار الرئيس. ويبدو الانقسام الجديد داخل الجبهة، هو الأكبر منذ عقد تقريباً في عز الصراع بين رئيس الجمهورية ورئيس حكومته حينها علي بن فليس قبيل انتخابات ال 2004، لذلك لا يستبعد مراقبون لأزمة الحزب أن تكون امتداداً لتلك الأزمة وللصراع على منصب الرئاسة. ولا يخفي نواب محسوبون على خصوم منسق المكتب السياسي عبد الرحمن بلعياط، شكوكهم بأن القيادة الموقتة تحاول الترويج لمرشح ما للرئاسة، ووصفوا تعيين عمار سعداني برد من الفريق الرئاسي الذي لا يزال يمسك بخيوط اللعبة بما أنه تمكن من قلب الحسابات داخل الحزب لصالحه في ظرف أسبوع واحد. وبعدما اعتبر منافسو سعداني أن اجتماع اللجنة المركزية للحزب «غير قانوني» وعمدوا إلى مقاطعته. وفي مؤتمر صحافي، قال زعيم معارضي سعداني الوزير السابق عبد الرحمن بلعياط المكلف منذ تنحية بلخادم إدارة الحزب «إن مجلس الدولة ألغى التصريح الممنوح لإجراء هذا الاجتماع ما يؤكد انه غير قانوني، فقد تم السماح بعقد الاجتماع في مرحلة أولى من جانب وزارة الداخلية، إلا أن منافسي سعداني لجأوا إلى القضاء وحصلوا بعد ظهر الأربعاء على قرار بإلغاء الاجتماع. ويعد سعداني (63 عاماً) الأمين العام الحادي عشر لحزب جبهة التحرير الوطني بعدما تمت تزكيته لهذا المنصب خلفاً لعبد العزيز بلخادم الذي سحبت منه الثقة. وكان شغل منصب رئيس المجلس الشعبي الوطني وهو مناضل سابق في الاتحاد العام للعمال الجزائريين كما شغل منصب محافظ للحزب لولاية الوادي لمدة 15 سنة لينتخب في العام 1997 نائباً في المجلس الشعبي الوطني حيث ترأس لجنة النقل بالمجلس. وأعيد انتخابه في سنة 2002 حيث تقلد منصب نائب رئيس المجلس الشعبي الوطني قبل أن يتم انتخابه في 23 حزيران (يونيو) 2004 رئيساً للمجلس. وأعلن الأمين العام الجديد تأجيل تسمية التشكيلة الجديدة للمكتب السياسي للحزب إلى الدورة المقبلة لاجتماع اللجنة المركزية وهو يتجه إلى تغيير التشكيلة والتضحية بأربعة وزراء يقال أن الرئيس بوتفليقة قرر إبعادهم في التعديل الحكومي المقبل بسبب «ميولهم لمرشح رئاسي منافس».