في الطريق الذي يوصل إلى بشرّي تنتشر بلدات وقرى، كالحدث وحصرون، سطوح بيوتها لا تزال قرميديّة. لكنّها ليست من قرى مارون عبّود المرسومة على أغلفة كتبه. فهي مأهولة، تمهّد الحركةُ فيها لحركة بشرّي الأكبر حجماً والأكثر أمكنة ومقاهي ومطاعم. لكنّ نقص التعرّض للسياحة والسيّاح جعل البشراويّين مقتصدين في التعبير والمسايرة، يقولون ما يلزم قوله مع ابتسامة حدّ أدنى وصوت لا يرتفع، وإن كان ميّالاً لأن يحسم ويقطع. وهذا الذي يراه البعض قسوة فيهم ربّما عزّزه بُعد بلدتهم عن المدن. فما من مدينة شكّلت لبشرّي ما كانته طرابلس، حتّى 1975، لزغرتا، أو البترون وجبيل لتنّورين وقرطبا. مع هذا، أو ربّما إلى جانبه، تتبدّى بشرّي مثقلة بالرموز. ففيها يقيم تاريخ كثير متجاوراً مع أسطورة كثيرة، وبالطبع ثمّة فائض من الخرافة مضمون. فوادي قنّوبين هناك، وقريباً منه الديمان، وهناك الأرز وسيّدة قنّوبين وسيّدة قاديشا وسيّدة بشوات، و «كلّ السيّدات هنا»، كما قالت امرأة راضية مرضيّة بمجد بشرّي. وفوق هذا ولد مار شربل، ذو الشعبيّة الهائلة بين موارنة الأرياف، في قرية بقاعكفرا القريبة جدّاً، قبل أن يتنسّك في عنّايا التي ارتبط اسمه بها. وهناك في كنيسة سيّدة قنّوبين التي كانت مقرّ البطريركيّة المارونيّة ل350 سنة، قبل أن ينتقل المقرّ إلى بكركي شتاءً وإلى الديمان صيفاً، دُفن 17 بطريركاً لا تزال جثثهم تحرّك سطح الأرض من تحته. والآن يلهج أهل بشرّي بنجم علويّ جديد هو أنطونيوس طربيه، المرشّح للقداسة. وثمّة من هذا الصنف أسماء لا تُحصى حتّى لتشعر أنّ البشراويّين، تحت غلالة الإله الواحد الشفّافة، يتعدّدون في العبادات والمعبودين. فهذه الأمكنة وهؤلاء الناس لكلّ منهم دلالاتٌ بعضُها ضارب في القدم وبعضها في الطبيعة، وكلّها، على نحو أو آخر، تقيم جذورُه في مقدّسات المارونيّة الأولى وصوفيّاتها. وبالطبع أضاف الزمن الحديث جبران خليل جبران الذي يوجد في قلب البلدة سهم كبير يشير إلى بيته. ولجبران، في بشرّي، متحف وثمّة مركز ثقافيّ يحمل اسمه، فضلاً عن لجنة تنتخبها العائلات، تحوّلت واحداً من محاور الحياة السياسيّة للبلدة. وفي السنوات الأخيرة انضاف سمير جعجع إلى ذاك الألبوم المفعم بالقدّيسين ممّا يتوارثه أهلٌ يحبّون القداسة. فحين تنقله الصور، مصحوباً بزوجته ستريدا، يشيع شيء ممّا تُشيعه الرسوم الدينيّة عن المنزّهين. فبشرّي ذات طاقة جبّارة على تديين الزمنيّ، فإذا بقي زمنيّاً ونسبيّاً لفظته وجافته. هذه حالها مع جبران وجعجع، ابنيها وقدّيسيها اللذين تقدّمهما المنحوتات الحِرَفيّة والكيتشيّة في الأرز مثلما يُقدَّم مار شربل أو العذراء مريم. فشكل الصليب المنتشر، وحضور الخشب في معظم ما يُعلّق أو يباع ويُشترى، وتعبير «أرز الربّ» ذاته، توحي جميعاً بالتعرّض لفتك الدين على نحو لا شفاء منه. وقد تمكّنت الكهوف، لا سيّما كهوف قنّوبين، والمغاور، خصوصاً مغارة قاديشا، ومحابس القدّيسين والمرشّحين للقداسة، فضلاً عن عدد من الكنائس لا يُحصى، من جعل الدين والدينيّ الكلمة الثالثة بعد كلّ كلمتين. وهو تديّنٌ يغدو رؤية للعالم وطريقة في تأويله، كما يوهم أصحابه بزمالة الله وحيازة التاريخ. فالبشراويّ المحاط بهذه جميعاً، وبهؤلاء كلّهم، لا يسعه أن يكون شكّاكاً أو أن يهبط قيد أنملة عن «أفعل التفضيل» المطلق. هنا يُخترَع المجد وهنا يُزَجّل. أمّا في الفندق، فما إن يحتلّ النزيل مكانه على الطاولة منتظراً القهوة الصباحيّة، حتّى يُرحّب به بطريقة متحمّسة. فهم يطلقون عليه أغاني فيروز الوطنيّة بصوت مرتفع تتخلّلها أغانٍ للفنّانة نفسها تمجّد القرية والطاحونة ومزراب العين ممّا اندثر أو هو في سبيله إلى الاندثار. وهناك لا تُصدّ «أعطني الناي وغنّ» عن الآذان، هي التي كتبها ابن البلدة ونبيّها جبران. الدينيّ والطبيعيّ والحال أن أهل بشرّي، على ما يبدو، وطنيّون دائماً بطريقتهم، لا يكفّون عن الدعوة إلى إنهاض الوطن وإقالته من عثاره. وهذا ما لا بأس به لولا أنّه يحصل في أوّل الصباح، والوطنيّةُ في أوّل الصباح أمر متعب. ولأن الوطنيّة الدائمة تتطلّب رجالاً دائمين، تلوح بشرّي فردوساً للرجولة تكثر النساء اللواتي يتباهين به. فإحدى السيّدات هناك امتدحت «قسوة لهجتنا» حيث يميل حرف الألف إلى التكوّر واواً. وهي حين أشارت إلى الأجبان اللذيذة التي تنتجها البلدة اعتدّت بالماعز و «تاريخ المعّازين». والراعي، منذ المسيح، محطّة لقاء مؤمثَل ومؤسطر بين الدينيّ والطبيعيّ. أمّا السائق الذي طاف بنا بشرّي فأكّد أن طبيعتها «صخر وثلج تجمّد منذ بدَأَ الكون»، وهو قول لا يكتم انتسابه إلى فئة الغناء الرحبانيّ. لكنْ، عندما سألناه عن مطعم ما، أجاب أنّه لا يفهم في هذه الأمور، فكأنّ السويّة التي تنتمي إليها السياحة والتّجارة أدنى من سويّة الطبيعة التي وفد منها. وأغلب الظنّ أن التواصل الجغرافيّ والقرابيّ بين بشرّي وقرى الأرز وعيناتا ودير الأحمر يخلق لها مدى يصير، في أزمنة الاضطراب والقلق، وهي كلّ الزمن تقريباً، مدى حربيّاً. فيُخيّل أنّ الصليب الخشبيّ، وهو الشكل الذي تتّخذه أيّ قطعتي خشب يراد جمعهما لما لا يُحصى من وظائف، علَم ضمنيّ لتلك المنطقة. فهو يتناثر في جبالها دليلاً، كما النيران في الأزمنة البدائيّة، مشيراً إلى هويّة صلبة وأقليّة في وقت واحد. هكذا، يبدو كأنّ البشراويّ يبحث عمّا يبقيه بشراويّاً فخوراً، يتحصّن لأجل ذلك بالجبال رافعاً عليها علم الصليب المصنوع من خشب الربّ. ففكرة الحصن والمناعة الأبديّين تلحّ على الوعي هناك وترتبط بفكرة الأديرة الأولى لمؤمنين يمارسون طقوسهم بعيداً من سلطة جائرة. وهي أديرة محفورة في الحجر ومقسّمة إلى غرف دهليزيّة ذات أسقف منخفضة. وبالفعل فإنّ الكثير من بيوت البشراويّين ملتصق بالحجر كأنّه مجرّد نتوء مرتّب له. وعلى هذا النحو أقيم متحف جبران في الصخر، جامعاً فيه سمة أخرى من سمات الهويّة البشراويّة: الارتفاع. ف «نحن نطلّ على سهل البقاع»، كما قال سائقنا. ومنطقتنا أعلى لبنان، كما يذكّرك الجميع متفاخرين. وهذا شرط الحصن الشارط، يخيّم فوقه ظلّ إله محارب يذود عن الأهل بالروح كما بالسيف. وهي لئن انتشر الجبل حدّاً لها يفصلها عن «بلاد» البقاع، فهذا ما يُربك السيّدة المثقّفة آمال فخري حين تصف جبلها وبلدتها فيلوحان لها مرّةً مجداً وتعالياً، ومرّةً ضيقاً على الصدر وبَرماً يقيم في الروح. أمّا هدى بركات، الروائيّة البشراويّة، فالتقطت هذه المركزيّة التي تحظى بها الطبيعة، وتلك الذكوريّة القاسية التي تسوقها، وجعلتهما رواية بديعة حملت عنواناً دالاً: «ملكوت هذه الأرض». العائلات أوّلاً لا يترك جو فخري، رئيس نادي قنّوبين بشري، والقوّاتيّ الهوى، مكاناً للإبهام والتأويل: ذاك أنّ «ثقافة البشراويّ الشجاعة والرجولة». بيد أنّ العائلات الموسّعة هي التي كانت تقليديّاً، ولعقود مديدة، الوحدات التي تحفظ هذه «الثقافة» وتنشرها. فأهل بشرّي البالغون 21 ألفاً، يقيم منهم فيها قرابة 8 آلاف، صدروا عن نظام عائليّ لا تعوزه الصرامة. والعائلات السبع الأكبر هي، وفق ترتيبها العدديّ، طوق فرحمة فكيروز فجعجع فسكّر ففخري، وأخيراً شدياق. لكنّ هذا لا يغني عن تفاصيل يورد بعضها المحامي هاني رفّول رحمة، ومنها، مثلاً، أنّه «لو جاء من عيناتا إلى بشرّي جميع آل رحمة لكانوا الأكبر عدداً، فيما يعود تكاثر آل طوق إلى انتقال بعض الطوقيّين من البقاع إلى بشري». وهذه تفاصيل تسهّل القراءة في كتاب العائلات، يستكملها التراتُب في داخل العائلات ذاتها. ذاك أنّ آل عيسى الخوري، مثلاً، هم مشايخ آل رحمة، فيما جبّ الضاهر في آل كيروز الأبكر في الوجاهة، منهم كان ياور المتصرّف في عهد المتصرّفيّة، ويبدو أنّ جبران خليل جبران استوحى شخصيّة راجي بك من زعيمهم. واقع الأمر أنّ زعماء العائلات هذه استولوا على تمثيل بشرّي البرلمانيّ منذ ابتدائه في 1934، كما كوّنوا دائرة مغلقة تتزاوج في ما بينها، ويربطها بالمراجع الدينيّة رابط وثيق. فقد تشكّل في الخمسينات ثالوث ضمّ البطريرك عريضة، وهو من بشرّي، وابني شقيقتيه المونسنيور كيروز والمحامي يوسف رحمة. وتمكّن الثالوث هذا بفعل نفوذه الواسع أن يفكّ أَسر أحد الوجهاء الذي حُكم خارج لبنان بتهريب الحشيشة. لكنّ الثلاثة، فوق هذا، استطاعوا، بتوجيهاتهم وتأثيرهم، إيصال ذاك السجين السابق إلى البرلمان. وكانت أبرز المصاهرات التي تمّت داخل الدائرة هذه اقتران قبلان عيسى الخوري بأخت حبيب كيروز، والاثنان، ومعهما سعيد طوق، احتكرا تمثيل بشرّي في البرلمان لعقود طويلة. ومن دون أن يكون السكن صافياً عائليّاً، فإنّ الحارات تنطوي على نسبة عالية من ذاك الصفاء. ففي بشري الفوقا تقيم عائلة طوق، وفي الوسطى عائلتا كيروز وسكّر، بينما تقيم في التحتا عائلتا رحمة وجعجع. لكنّ ذاك النظام العائليّ واجه محنته الكبرى في السبعينات، وهو ما يفسّر أحد الأسباب البعيدة لصعود «القوّات اللبنانيّة» اللاحق. ففي أوائل ذلك العقد دخل وافد جديد إلى اللعبة العائليّة – الانتخابيّة هو جبران طوق، العائد ثريّاً من المهجر والراغب في احتلال موقع يسجّله باسمه. ولئن نجح جبران، الصادر عن جبّ غير متصدّر تقليديّاً في عائلته، في أن ينتزع مقعداً نيابيّاً له في 1972، مبالغاً في شحذ عصبيّة آل طوق واستنفارها، فهذا ما حفّ به عنف سبق الانتخابات وتلاها. فقد كان لبروزه، وسط عائلة هي تقليديّاً الأفقر والأقلّ تعلّماً والأكثر اعتماداً في معيشتها على الرعي، الوقع الأقسى على آل كيروز الذين استفادوا، أواخر الستينات، من قرابة جمعتهم بآل حلو الذين كان أحدهم، شارل، رئيساً للجمهوريّة، ثمّ في 1970 انتُخب حليفهم التقليديّ سليمان فرنجيّة رئيساً للجمهوريّة. وهناك رواية تقول إنّ حبيب كيروز هو الذي أمّن هرب سليمان فرنجية إلى سورية بعد مقتلة مزيارة في 1957. هكذا، اندلعت اشتباكات مسلّحة بين عائلتي كيروز وطوق رافقتها عمليّات خطف، ثمّ تعرّض جبران نفسه لمحاولة اغتيال اتُّهم فيها شخص من آل كيروز تمّ اغتياله لاحقاً، قبل أن يُقتل ابنه أيضاً. وفي الثمانينات تجدّدت حرب كيروز وطوق فسقط قتلى وأقيمت متاريس شقّت البلدة وفصلت حاراتها وقيّدت تحرّكات سكّانها. وعموماً كان للنزاعات العائليّة بين كيروز وطوق، من غير أن تقتصر عليهما، فضلاً عن المشاحنات داخل كلّ واحدة من العائلات، أن أسفرت عن سقوط قرابة 30 قتيلاً في ربع قرن. بيد أنّ هؤلاء الذين «يوحّدهم الدفاع عن المسيحيّين»، ولو اتّسعت وحدتهم للتنافس الضاري بينهم، وجدوا في اندلاع «حرب السنتين» ضالّتهم. فالبشراويّون، وفق آمال فخري، من أكثر المناطق اللبنانيّة بذلاً للقتلى في خارج بشرّي التي لم يُهاجموا فيها. وبالفعل اندلعت حربٌ في الكورة المجاورة شارك فيها الجميع: فحبيب كيروز، المستفيد من علاقاته بأجهزة الدولة، أقام مخيّم تدريب لعائلته، بينما استقدم جبران طوق، على نفقته، باخرة سلاح كان دور حمولتها كبيراً في تعديل موازين القوى. وعلى العموم، راحت تتزايد الجيوش الصغرى للعائلات، فأنشأ طوق «لواء المقدّمين»، وآل كيروز «لواء الأرز»، وشبل عيسى الخوري، نجل قبلان الذي قضى في معارك الكورة، «لواء قاديشا»، وآل فخري «لواء الفخر». كما نمت على أطراف العائلات جماعة «حرّاس الأرز» واستقطبت عشرات المنتسبين. غير أنّ حرباً من طينة عابرة للعائلات تطرح على العائلات المنهكة والمتعبة ما لا تستطيع النهوض به. إنّها تستحضر الحزب وتحضّ عليه. القوّات أوّلاً فخلال 1977 - 1978 كان طرف آخر يقاتل في الشمال هو حزب الكتائب اللبنانيّة. وكان طالب الطبّ في الجامعة الأميركيّة سمير جعجع هو من يقود الحزب عسكريّاً في مواجهته القوّات السوريّة في بلدتي قناة وبللا. في ذاك الاحتكاك الأوّل بين السوريّين والكتائب، برز اسم سمير وبدأ بعض الشبّان يلتفّون حوله لأنّه، وفق جو فخري، رئيس نادي قنّوبين بشري، والقوّاتيّ الهوى، «عبّر عن فروسيّة». فهو «مثال أعلى للرجولة وعدم الفساد، يحترم الكنيسة ورجال الدين». وقصّة بشرّي مع سمير جعجع، ابن الجنديّ الذي تقيم عائلته في عين الرمانة، تبدأ أواخر الستينات. حينذاك بدأ ذاك الشابّ الخجول والمنطوي، المحبّ للمؤسّسة العسكريّة والكاره للعائليّة والقبَليّة، يصطاف سنويّاً فيها. والحال أنّ حزب الكتائب لم يكن أعضاؤه يتجاوزون ال15 نفراً، في أواخر الستينات، حين انتسب إليه سمير. وهم لئن نموا قليلاً في القرى المجاورة لبشرّي، فإنّهم عجزوا عن إيصال مرشّحهم، القياديّ الكتائبيّ وابن حصرون المحامي أنطوان معربس، إلى الندوة اللبنانيّة، أو إلى موقع زعاميّ في القضاء. لكنّ الطلب على الحزب والحزبيّة كان قويّاً قوّة البرم بالعائلات. هكذا، حضر مؤسّس حزب الكتائب، بيار الجميّل، إلى بشرّي في 1976، حيث أقيم مهرجان أقسم فيه أربعة آلاف منتسب قسم الولاء لحزبه، وحين مرّ موكبه في إهدن وزغرتا رُشّ عليه الأرزّ والورد، الأمر الذي أغضب عائلات بشرّي وزغرتا سواء بسواء. بعد ذلك بقليل، ومع الابتعاد الذي بدأه سليمان فرنجيّة عن «الجبهة اللبنانيّة»، بدأت حرب زغرتاويّة - كتائبيّة ما لبثت أن تحوّلت حرباً بشراويّة زغرتاويّة. ففي 1977، وبعدما اتّهم البشراويّون أفراداً من جيرانهم بسرقة سيّاراتهم، قتل الزغرتاويّون 12 بشراويّاً، فيهم الطفل والشيخ، مؤسّسين لفصول سوداء ستلي. في هذه الغضون كان سمير جعجع، ما بين توزيع لقطع السلاح على الشبّان البشراويّين وتصعيد لنبرة العداء للعائليّة وتبشير دينيّ و «خلوات روحيّة» أدارها، يطلق ديناميّة عبّر عنها إنشاء مجموعة «ثوّار الشمال» داخل الكتائب. هكذا، بدأ يرتسم سيناريو جديد عن وافد من الخارج يأتي بالخلاص لأهل الداخل المتنازع.