أطلق رئيس الجمهورية اللبنانية ميشال سليمان مبادرة أراد منها تحريك الوضع السياسي من الجمود القاتل الذي يمر فيه لبنان لمنعه من الانزلاق الى أتون الفتنة دعا فيها للالتقاء فوراً ضمن حكومة جامعة وحول طاولة الحوار الوطني من دون شروط مسبقة لإنجاز هذه الاستحقاقات معززة بإرادة الالتقاء وشجاعة القرار وإعلائه على أي قرار آخر حتى لا نقع في تجربة الانقسام والتقاتل مرة جديدة. مبادرة الرئيس سليمان جاءت في رسالة متلفزة وجهها ليل أمس الى اللبنانيين قال فيها: "لنعمل على تجاوز الاعتبارات الخارجية كلها حتى لا تضيع الفرصة ونخسر السلام والاستقرار وهذه مسؤوليتنا جميعاً فلنثبت أهليتنا لها ليبقى لنا وطن نستحقه ونفخر بانتمائنا إليه". وحذّر سليمان من وقوع لبنان فريسة لعبة الأمم وقال: "إنه يستحق الحياة والبقاء لأن اغتياله يضرب فكرة العيش الواحد بين الجماعات المتعددة الأديان ويهدد أمن العالم المتنوع. هذا ما يريده اللبنانيون فلنخضع لمشيئتهم وللإرادة الوطنية الجامعة". وكان سليمان استهل رسالته الى اللبنانيين قائلاً: "في هذا الظرف العصيب والضاغط، والألم الكبير يعتصر قلوب اللبنانيين وأفئدتهم، أود أن أتقدم بداية باسمي وباسم اللبنانيين من ذوي شهداء وضحايا التفجيرات الإرهابية والإجرامية التي أدمت أهل الوطن وأرضه، وآخرها تفجيرات الضاحية وطرابلس العزيزتين، بعد الجرائم المرتكبة بحق الجيش اللبناني، بتعازيَّ القلبية الحارة وبمشاعر التعاطف والتضامن، وأتمنى لمئات الجرحى والمنكوبين الذين أصيبوا وتضرروا جراء هذه الاعتداءات البربرية الآثمة، الشفاء العاجل، وأدعو الإدارات والأجهزة المختصة الى استنفار شامل لمساعدة هؤلاء ومنحهم ما يستحقون من رعاية مادية ومعنوية". وتوقف سليمان أمام ما تشهده منطقة الشرق الأوسط وعالمنا العربي من تحولات واضطرابات وبإزاء ما ينتاب اللبنانيين من قلق نعيشه معهم ونشعر به. وقال: "لا بد لي من موقع المسؤولية الدستورية التي أحملها والمؤتمن عليها أن أطلع الشعب اللبناني على ما أراه متوجباً علينا جميعاً اتخاذه من إجراءات وخطوات وتدابير ملموسة تتعدى عبارات الاستنكار والإدانة وتتجاوزها لمواجهة التحديات والمخاطر التي بات يواجهها وطننا في هذه المرحلة الدقيقة من تاريخه". وحذّر سليمان من الخطر الإرهابي المتعاظم والخوف من انزلاق لبنان الى أتون الفتنة، فضلاً عن استمرار التهديدات والخروقات الإسرائيلية، وفي ظل الجمود الناتج من وقف الحوار وتفويت فرصة إجراء الانتخابات النيابية وعدم التزام إعلان بعبدا والتعثر في تشكيل الحكومة وشيوع الدعوات الى الأمن الذاتي وما تنطوي عليه من مخاطر وفخاخ. وقال: "كل هذا يوجب علينا اتخاذ إجراءات وخطوات ملموسة". ودعا السلطات العسكرية والأمنية الى رفع نسبة جهوزيتها الى الدرجات القصوى من أجل مراقبة وملاحقة المجرمين والإرهابيين وأيضاً المواطنين اللبنانيين للحفاظ على هدوئهم ووحدتهم وتضامنهم. وأن يكونوا عيناً ساهرة للإبلاغ عن أي حراك مشبوه يتهدد السلامة العامة. وتوجه سليمان الى السياسيين وأهل السلطة وأصحاب الرأي والنفوذ والقيادات والمرجعيات الدينية ودعاهم الى اتباع نهج الاعتدال في خطابهم السياسي والالتزام فعلاً بثوابت "إعلان بعبدا". كما توجه الى وسائل الإعلام كافة ودعاها الى المشاركة في تحمل المسؤولية الوطنية لما لديها من القدرات والكفايات العالية لمواكبة هذه المرحلة بشجاعة ومسؤولية.