أدرك نادي برشلونة أخيراً أن «قلب» الدفاع هو وحده القادر على ضخ الدماء في «جسد» الفريق، ذلك الجسد الذي أُشبع بطعنات من الخلف حتى صار الحديث عن موته أمراً مستساغاً! ولأن الحياة أهم من الموت، ولا يُفرّ منها كما يُفرّ منه، بدأت إدارة الفريق وجهازه الفني في كتابة قائمة بالمدافعين المطلوبين حتى قبل أن ينتهي الموسم، فالحصول على الدوري المحلي لم يكن كافياً أبداً. ولهذا كان منطقياً جداً أن يتصدر المدافع المتكامل البرازيلي تياغو سيلفا قائمة رئيس برشلونة للمدافعين، والمراد مفاوضتهم ثم التوقيع معهم، ومصافحتهم على ملأ، فيما الكاميرات لا تتوقف عن الوميض، إذ يؤمن الكثير بأنه عندما تضع تياغو في «قائمة»، فإنه يجب وضع الآخرين في "قائمة أخرى"، فهو قادر على ملئها لوحده. الصحافة الكاتلونية مضت في نسْج تفاصيل المفاوضات، والحديث حول تقدمٍ ملحوظٍ في صفقة قد تتجاوز قيمتها (40 مليون يورو)، وخفض محتمل من تياغو لراتبه، لتسهيل عملية انتقاله. فيما الإدارة البرشلونية لا تتوقف عن الاتصال بنظيرتها في باريس سان جرمان الفرنسي، من أجل الجلوس على طاولة واحدة للتفاوض، حتى وإن اتفقوا على ألا يتفقوا... ولكن لا مجيب! ليأتهم الرد أخيراً من مالك النادي القطري ناصر الخليفي: «سيلفا جزء مهم من مشروع النادي، ولن يذهب إلى برشلونة، نحن من نراقب لاعبيهم، ونخطط لشراء بعضهم». محذراً من أية محاولة لفسخ عقد المدافع البرازيلي: «إذا دفع برشلونة البند الجزائي، فأفسخ عقد ميسي». ضوءٌ أخضر بفسخ عقد ميسي، يعطِيه له رئيس برشلونة روسيل، ولكن يذكره بعد ذلك بحسبة رياضية بسيطة تجعل من المستحيل أكثر استحالة: «على من يرغب في ضمّ أفضل لاعب في العالم، دفع الشرط الجزائي في عقده 250 مليون يورو، إضافة إلى الضرائب 52 في المئة أي 580 مليون يورو»! ولأن الاتصالات لم تعد تجدي نفعاً، والوقت يلفظ أنفاسه، يطير الوفد المفاوض إلى لندن، من أجل مدافع برازيلي آخر لاعب تشلسي ديفيد لويز. يتحدثون في برشلونة عن 35 مليون يورو، إضافة إلى حوافز لإغلاق الصفقة، بينما الحديث عن 58 مليون يورو في لندن. فيما حديث المال لا يعني لمدرب تشلسي القديم الجديد مورينيو شيئاً، ليخرج من أميركا ناصحاً إدارة روسيل بالبحث عن مدافع آخر: «نصيحتي لبرشلونة بالتفاوض مع المدافع التالي في قائمتهم، وألا يضيعوا وقتهم، لويز ليس للبيع، نحن لا نستغني عن أفضل لاعبينا». وفي لندن أيضاً، لم يُرد أرسنال الإنكليزي أن تكون صفقة مهاجم ليفربول لويس سواريز أقل إثارة منه، فبعد تقديمهم لعرض رسمي بقيمة 40 مليون باوند من أجله، العرض الذي رفضه ليفربول طالباً من كل الراغبين في التعاقد معه، رفع سعرهم فوق ذلك المبلغ. عاد النادي اللندني لتقديم عرض آخر بقيمة (40 مليون باوند وباوند!) أي بزيادة باوند واحد، وهو ما اضطر مالك ليفربول الأميركي جون هنري إلى الرد عليه من خلال حسابه في «تويتر» متهكماً: «في اعتقادكم ما نوع الدخان الذي يتعاطونه في الإمارات (ويقصد ملعب أرسنال)؟ ». الصفقة الأضخم أما في ميلان، فلا حديث عن كل تلك الأرقام إلا عند البيع فقط، وهناك من يعتقد أنهم في العاصمة «الاقتصادية» لإيطاليا لم يعودوا حتى قادرين على معرفة كيفية قراءتها. ف10 ملايين يورو هي الصفقة الأضخم إن حدثت، ومليون أو اثنان قادرة على إفساد صفقة شارفت على النجاح. وليس أدل على ذلك من اتصالات غالياني المستمرة من أجل الياباني هوندا لاعب سيسك موسكو الروسي الذي تطلب فيه إدارة ناديه 5 ملايين يورو، بينما يرى ميلان أن سعره لا يتجاوز 3.5 مليون يورو، لأنه بعد 6 أشهر فقط يكون قادراً على جلبه مجاناً في صفقة انتقال حر. وكثيرون في إيطاليا وخارجها يعتقدون أن غالياني يأخذ دائماً ما يريد بأقل مما يريد، وهو ربما ما اعتبره رئيس سيسكا موسكو استغفالاً: «يجب أن يعلم الإيطاليون أننا لسنا مغفلين». ليخرج غالياني بعد ذلك معلناً توقف المفاوضات بين الطرفين، قائلاً: «رئيس سيسكا قال إنه لا يريد بيع هوندا، لن أتصل به مجدداً، فهو ليس بسيدة جميلة كي اتصل به كل يوم». لكن ميلان يستخدم كل عناصر المفاوضات الممكنة باستثناء «المال»، فهذه المرة يرسل عرضاً رسمياً عبر الفاكس ب 8 مليون يورو لنادي فيورنتينا الإيطالي، للظفر بخدمات مهاجمه لياليتش، لكنه لم ينتظر طويلاً ليأتيه الرد ساخراً من عرضه: «عزيزي غالياني، بإمكانك إرسال هذا الفاكس إلى وكالة سكودا، ربما سيبيعونك سيارتين أو ثلاثاً». وقريباً من ميلان وبعيداً عن قلبه، يسود حديث في النادي الجار إنتر، ليس عن من نشتري من اللاعبين ومن نبيع؟ وإنما الحديث صار أكبر من ذلك، وعلى نحو: "هل نبيع النادي أم لا؟». وبعد مفاوضات طويلة مع ملياردير يسكن بلداً يسكنه الفقر، قرر رئيس إنتر ميلان موراتي، أن يستسلم للعرض المقدم من رجل الأعمال الإندونيسي توهير، ويقبل ببيع نسبة كبيرة أخيراً من أسهم النادي، قد تنتهي ببيعه كاملاً. يقابل جماهير النادي بعدها بكلمات يملؤها الحب والحزن: «الإنتر مثل الطفلة الجميلة، تربيها وتدللها لأعوام، ولكن يأتي الوقت الذي يجب أن تذهب فيه إلى المدرسة، لتتعلم الانضباط».