دعا إمام وخطيب المسجد الحرام فضيلة الشيخ الدكتور عبدالرحمن السديس المجتمع الدولي إلى التحرك لوقف الإرهاب الذي يتعرض له الشعب السوري، وعدم التخاذل وتبني هذه القضية وعدم تقديم حساباته السياسية على مبادئه الأخلاقية، مضيفاً: «إن من أبشع جرائم الإرهاب ما قام به الطغاة في سورية ضد إخواننا في الغوطة الشرقية من بلاد الشام التي استخدمت فيها الأسلحة الكيماوية والغازات السامة المحرمة شرعياً ودولياً، وما أتبع ذلك من قصف بالصواريخ، ما تسبب في حصول كارثة إنسانية خطرة وفاجعة بشرية أليمة راح ضحيتها أكثر من 1400 قتيل وأكثر من 6 آلاف مصاب ما لم يشهد التاريخ المعاصر له مثيلاً». وقال الشيخ السديس في خطبة الجمعة أمس بالمسجد الحرام في مكةالمكرمة، إن ما يجري حالياً في سورية هو «الإرهاب بأبشع صوره، فلم يرحموا نساء ولا شيوخاً ولا أطفالاً، وأناشد الضمير الإنساني بالتحرك الجاد واتخاذ المواقف الحازمة تجاهه بكف بطشه وإرهابه ضد إخواننا الأبرياء هناك». ونوّه بموقف المملكة تجاه الأوضاع في سورية. وقال: «المملكة بادرت مشكورة حكومة وشعباً بالتنديد بهذه المجزرة انطلاقاً من عقيدتها الراسخة وثوابتها الأصيلة ومواقفها التاريخية، إضافة إلى دعوتها الهيئات والمؤسسات إلى تحمل مسؤوليتها»، داعياً إلى تضافر الجهود والوفاء بالمواثيق «باجتذاذ جحافل القلاقل وحسم أدوار رعاة الظلم والإرهاب وسد مواقع خللهم ليستأنف العالم الإسلامي صفوفه ويعيش المسلم حياته آمناً مستقراً». وأضاف إمام الحرم في خطبته أمس: «ليس يخفى على أولي الألباب ما شهدت به الحضارات بأن شريعتنا الإسلامية الغراء غيرت بنور عدلها وهديها قاتم معالمها فطمست جورها ومظالمها وانتزعت شحناءها وبغضاءها وغرست في البرية رحماتها ومكارمها». وأكد أن تلك الكوارث الأليمة التي أثرت في خاصرة الإسلام «هي نتيجة للذين اختزلوا الإسلام ومعانيه السامية في أسماء مستعارة توارت خلف الإرهاب الفكري والشذوذ العلمي الذي تنصل من الاعتدال والوسطية، فنجم عن ذلك الإرهاب المسلح والإقصاء وحجر الحق على فكر وحيد وإنما هي أفكار إرهابية دخيلة تلقفت كنانتها المسمومة أذيال التفريق». وتابع: «إن العقلاء من أهل الإيمان ليعجبون من هؤلاء الذين يحرفون كلام الله وفق نعرات عصبية وأهواء حزبية، ومصالح ذات أجندة وتبعية فيعمدون إلى تخصيص عامه ومجمله الذي يعملون به على غير محمله في نصوص الشرع، متغلفين به لقتل الآمنين وترويع المسلمين وتخريب المنشآت وعدم المبالاة في إزهاق الأرواح المعصومة، فرأينا من الأحداث ما يبعث الأسى». وزاد: «إن الذين انتحلوا قضية الإصلاح كذبوا واستغلوا عقول السذج ويدعون بأنهم إلى الدين الحنيف أقرب وأنهم بأحكامه يؤدون، ولكن أفعالهم عن ذلك ببعيد وأقوالهم المنمقة تفضح مكنون ضلالهم وتكشف مضمون سرائرهم بأنهم اتخذوا الدين برخيص أفعالهم مستغلين بذلك أطماعهم الشنيعة بالتضليل والخديعة». وأشاد الشيخ السديس بجهود المملكة في مكافحة الإرهاب، وقال: «العالم أجمع يشكر ولاة أمرنا على سهرهم واهتمامهم بالقضاء على ظاهرة الإرهاب، وذلك من سعيهم الجليل ودعمهم الجزيل للمركز الدولي لمكافحة الإرهاب الذي يهدف إلى استئصال العنف والطغيان، وذلك يأتي انطلاقاً من المسؤولية الدينية حيال أمتنا الإسلامية والمجتمعات الإنسانية».