أكدت نقابة البناء الألمانية أن قطاع البناء بدأ ينهض من كبوته المريرة بعد شتاء طويل، وتخللته أمطار غزيرة أدت إلى فيضان مياه الأنهر والينابيع والسواقي في أربع ولايات، سببت عشرات البلايين من الخسائر. وأوقعت المياه، التي ارتفع منسوبها في مناطق كثيرة إلى أعلى من المستوى التاريخي المسجل عام 2002، أضراراً كبيرة في الآلاف من المنازل والطرق والمؤسسات العامة والخاصة والمصانع، والأراضي الزراعية. كما تلفت معدات وأجهزة مختلفة، إضافة إلى أثاث المنازل والمحاصيل الزراعية. وتوقعت النقابة، أن يحقق قطاع البناء نتيجة إزالة الأضرار نمواً من 2 في المئة مقارنة بالعام الماضي. وخلال ذلك صادقت الحكومة الألمانية على بدء صرف ثمانية بلايين يورو تعويضات محددة إلى المتضررين، كلّ بحسب خسائره المقدرة رسمياً. ونقلت النشرة الاقتصادية الشهرية لغرفة التجارة والصناعة العربية - الألمانية في برلين، عن رئيس النقابة توماس باور قوله «القيمة الإجمالية المقدرة للأعمال الجارية في الولايات المنكوبة تبلغ 27 بليون يورو، وهي الأعلى منذ العام 1999». ولم يستبعد أن تستغرق أعمال شركات البناء فترة تتجاوز فصل الصيف الحالي، خصوصاً أن العاملين في القطاع تعطلوا من العمل حتى أواسط نيسان (إبريل) الماضي، لافتاً إلى أن أشغال البناء تراجعت حتى التاريخ المذكور بنسبة 10 في المئة، و23 في المئة في بناء الطرق. وأوضح باور أن الدفاتر المليئة بالطلبات رفعت مستوى التفاؤل في القطاع، إلى حدّ وصف ربع الشركات الأعضاء أشغالها الحالية ب «الجيدة»، في مقابل 19 في المئة اعتبروها «سيئة». ورأى أكثر من خُمس المستطلعين، أن الأعمال ستتحسن خلال الأشهر الستة المقبلة، فيما أعلن أقل من كل عشر منهم، عن تراجع أعماله. ويستند هذا التفاؤل، إلى تحسن الأوضاع في قسم بناء الشقق الجديدة، بعدما ازداد عدد رخص البناء المعطاة بمعدل 16 في المئة عن السابق، والمنازل بنسبة 25 في المئة. وقياساً إلى طلبات رخص البناء، رجّح رئيس النقابة أن يستمر الانتعاش في القطاع خلال السنوات المقبلة. لكنه غير راضٍ عن تقديراته لقطاع العقارات، مستبعداً «تحسناً سريعاً فيه». وانتقد تراجع الاستثمارات فيه من جانب القطاعين الخاص والعام. وحمّل باور مسؤولية حدوث الفياضات جزئياً، إلى بيروقراطية المؤسسات الحكومية والبلدية والمجتمع المدني، بسبب عدم إنجاز تنفيذ الخطط المقترحة لإنشاء السدود والحواجز المانعة للفيضانات في الوقت المناسب. إلى ذلك، رأى معهد «إيفو» للبحوث الاقتصادية في ميونيخ، أن إزالة أضرار الفيضانات «ستنعش الاقتصاد وتعطيه دفعاً». وقال خبراء المعهد إن إعادة البناء «ستنعش قطاع البناء تحديداً، لأن الأمر لن يقتصر على إعادة بناء المنازل أو ترميمها وإصلاح الطرق فقط، بل أيضاً على إعادة شراء آلات وأجهزة وأثاث وسيارات جديدة تلفتها المياه، ما سيحرك دورة إنتاج صناعات كثيرة». وتوقعت الدراسة «اكتمال أعمال التأهيل للمناطق المتضررة حتى نهاية عام 2014، «ما سيرفع الطلب الداخلي على المنتجات ويزيد الاستثمارات بمقدار 6 بلايين يورو». وأعلن مسؤولون في قطاع إنتاج الآلات، أن تداعيات الركود الاقتصادي الحاصل في أوروبا وفي العالم أثرت سلباً على القطاع في ألمانيا، وأدخلته بدوره في مرحلة ركود منذ مطلع السنة. وخفضت نقابة الآلات والأجهزة الألمانية معدل النمو السلبي المتوقع في القطاع لهذه السنة، من 2 إلى واحد في المئة مقارنة بعام 2012. وأشار رئيس الرابطة توماس ليندنر، إلى أن هدف تحقيق نمو هذه السنة «لم يعد واقعياً»، لافتاً إلى قلقه من عدم وجود طلب داخلي على القطاع، الذي حقق مبيعات تاريخية العام الماضي وبلغت قيمتها 196 بليون يورو. وأوضح أن الإنتاج تراجع خلال الأشهر الأربع الأولى من السنة 3.4 في المئة عنه في الفترة ذاتها من العام الماضي». وأكد أن لا أدلة على أن النصف الثاني سيجلب معه نمواً استثنائياً.