انهال على الصناعة الألمانية في الشهرين الأولين من السنة سيل من العقود والطلبيات، بعد سنة ونصف السنة على هبوط الطلبيات إلى أدنى مستوى لها منذ أربع سنوات. ويُعتبر النمو في الطلب الأقوى منذ سنتين ونصف السنة، إذ بلغت نسبته 4.3 في المئة فيما كان المحللون يتوقَّعون 1.5 في المئة فقط. وأفادت النشرة الاقتصادية الشهرية ل «غرفة التجارة والصناعة العربية - الألمانية» في برلين بأن حجم الطلبيات ارتفع بصورة لم يعرفها القطاع منذ نيسان (أبريل) عام 2006، وفقاً لما سجّله مؤشر الشراء «ماركت بي أم في» في آذار (مارس) الماضي بعد استطلاع شمل 500 شركة. وارتفع المؤشر 3.5 نقطة دفعة واحدة إلى 57،2 نقطة، أي إلى المستوى الذي سجَّله في حزيران (يونيو) 2007 قبل بدء الأزمة المالية العالمية بأشهر قليلة، وهو الارتفاع الخامس له على التوالي. وأفاد «معهد بحوث الاقتصاد» في تقرير له بأنه يتوقع زيادة الصادرات الألمانية هذه السنة بنسبة ثمانية في المئة تقريباً، كما أفاد استطلاع أجراه معهد «بزنس مونيتور» لبحوث الأسواق بأن 46 في المئة من الشركات الألمانية المصدِّرة إلى الخارج تنتظر تحسّّن أعمالها خلال الأشهر ال 12 المقبلة. وعلّق الخبير الألماني في مصرف «غولدمن ساكس» الأميركي، ديرك شوماخر، على تحسن الطلبيات بالقول إن الطلب من دول «منطقة اليورو» يتزايد من جديد بعد التراجع الذي سُجِّل لفترة طويلة في أكبر سوق تصريف للإنتاج الألماني عالمياً. ورأى أن الصناعة الألمانية ستشكِّل هذه السنة الدعامة الأكبر لاقتصاد البلاد. وسجَّل قطاع الشركات الإلكترونية زيادة في الطلب بلغت 10 في المئة، في حين تراجع الطلب الخارجي على قطاع إنتاج الآلات المصنّعة ثلاثة في المئة وعلى الطلب الداخلي 17 في المئة. وسجَّل قطاع إنتاج السيارات الألمانية زيادة في الطلبات من الخارج، هي الرابعة على التوالي، بلغت نسبتها 58 في المئة في شباط (فبراير) الماضي مقارنة بكانون الثاني (يناير) الماضي. وأوضح رئيس نقابة منتجي السيارات في ألمانيا ماتياس فيسمان أن الطلب الداخلي يسجل بدوره تحسناً، ولو بطيئاً. وأظهر مؤشر معنويات الشركات المالية الذي يعده مركز بحوث السوق «جي أف كاي» بعد استطلاع 460 مسؤولاً عن العلاقات الاستثمارية في الدول الناطقة بالألمانية (ألمانيا والنمسا وسويسرا) أن غالبية الشركات المشاركة متفائلة بتطور أعمالها خلال الشهور الستة المقبلة. وفي ما يخص ألمانيا، وصل المؤشر إلى 45 نقطة، متحسناً بصورة ملموسة. ويتوقع الخبراء ارتفاعه إلى 50 نقطة خلال الأشهر المقبلة ليستعيد موقعه الذي كان عليه مطلع عام 2007. وتتماثل هذه النتيجة مع النتيجة التي وصل إليها مؤشر «إيفو» الشهري عن معنويات الشركات الذي ارتفع في كانون الثاني الماضي للمرة العاشرة على التوالي. أما الشركات الصغيرة والمتوسطة الحجم، فأعلنت للمرة الأولى منذ سنة عن ظهور معنويات سلبية في تطور أعمالها على رغم الدعم الحكومي المخصص لها البالغ 10.7 بليون يورو (نحو 6.34 بليون قروض و4.29 بليون ضمانات). وأكد هذا الأمر استطلاع نفذه أخيراً معهد «إيفو» بطلب من مؤسسة «قروض لإعادة البناء» الحكومية أظهر انخفاضاً في التوقعات بمقدار 1.8 نقطة. وأفاد تقرير وضعته وزارة الاقتصاد الألمانية أخيراً أن الدعم الحكومي المقدَّم ضمن ديمومة العمل ل789600 عامل وموظف في هذه الشركات. وسجل انتعاش في قطاع البناء، على رغم الشتاء القارس، بخاصة بعد أن استأنف العاملون فيه العمل اثر تحسن الطقس مستفيدين بدورهم من الدعم الحكومي الذي يطاولهم في إصلاح البنى التحتية في البلاد وتوسيعها.