دفع تركيز الهيئات الرقابية والمخاوف المتزايدة حيال إدارة الأخطار، المؤسسات المالية والمصارف إلى تعزيز اهتمامها بهذا المجال. وفي مقابل ذلك، رفعت المؤسسات المالية والمصرفية موازناتها المخصصة لإدارة الأخطار وتعزيز برامج التحكّم لديها. وأظهر استطلاع لشركة «ديلويت»، وهو الثامن الذي يصدر كل سنتين حول الممارسات المتعلّقة بإدارة الأخطار بعنوان «وضع معايير عالية»، أن «65 في المئة من المؤسسات المالية رفعت الموازنة المخصصة لإدارة الأخطار وعززت برامج التحكّم، مقارنة ب55 في المئة فقط عام 2010». ولحظت أرقام استطلاع «ديلويت»، تبايناً في أنماط الإنفاق بين المؤسسات المالية والمصارف المتنوعة الأحجام، «إذ تعرضت الكبرى منها لقوانين الهيئات الرقابية لسنوات، وهي تستمر في التركيز على مجالات متنوعة مثل إدارة الأخطار والإبلاغ عنها، وسيولة رؤوس الأموال». فيما تركّز الشركات التي تملك أصولاً تقلّ عن 10 بلايين دولار، على «بناء القدرات لمواكبة متطلبات الهيئات الرقابية التي طُبّقت على المؤسسات الكبرى سابقاً وبدأت تشمل تدريجاً المؤسسات الصغيرة». واعتبر الشريك الإقليمي والمسؤول عن قطاع الخدمات المالية في «ديلويت الشرق الأوسط» جوزيف الفضل، أن الأزمة المالية «أحدثت تغييرات كبيرة في أسلوب عمل المؤسسات المالية، وتطبيقات إدارة الأخطار والمتطلبات الرقابية، التي تحتاج إلى انتباه أكبر من الإدارة وتعزيز الجهود في إدارة الأخطار والامتثال». لذا رأى ضرورة «عدم اعتبار إدارة الأخطار عبئاً رقابياً أو تقريراً مخصصاً للمحفوظات، بل على العكس يجب دمجها في إطار المؤسسة وفلسفتها وثقافتها بهدف إدارة أخطار فاعلة في كل المؤسسة». وقال: «بما أنّ مجموعة من المتطلبات الرقابية لا تزال قيد النشر والتطبيق، على المؤسسات المالية التخطيط للعقبات المستقبلية، فيما تقوم بتعزيز إدارة الأخطار والقدرات الإدارية عبر استخدام تحليل البيانات وتحسين نوعيتها». وأكد أن المؤسسات التي تتبع هذا النهج «ستقطع شوطاً كبيراً في مجال إدارة الأخطار الدائمة التطور». ويخطط معظم المؤسسات المالية المشمولة باستطلاع «ديلويت»، أي 58 في المئة منها ل «زيادة الموازنة المخصصة لإدارة الأخطار في السنوات الثلاث المقبلة، و17 في المئة منها لرفعها للسنوات الثلاث المقبلة بنسبة تزيد على 25 في المئة سنوياً». وهذه المسألة «ليست عادية»، خصوصاً بعد إعلان 39 في المئة من المؤسسات الكبيرة خصوصاً تلك المتواجدة في أميركا الشمالية، أن لديها 250 موّظفاً يعملون بدوام كامل في مجال إدارة الأخطار». الهيئات الرقابية وأبرزت نتائج الاستطلاع، أن إدارة الأخطار «باتت مسألة ملحّة على طاولة نقاش مجالس الإدارة»، إذ «يخصص 94 في المئة من مجالس إدارة المصارف والشركات المالية وقتاً إضافياً لها، ويرفع 80 في المئة من المسؤولين عن هذه الإدارة تقاريرهم إما إلى مجلس الإدارة أو إلى المدير التنفيذي». وأعلن الشريك المسؤول عن خدمات إدارة الأخطار في «ديلويت» الشرق الأوسط فادي صيداني، أن الهيئات الرقابية «ركّزت على دور مجلس الإدارة في التحكّم بالأخطار في شركاتهم لتشجيعهم على تحمّل المسؤولية والمصادقة على السياسات الخاصة في إدارة الأخطار للشركات والإشراف على تنفيذها شخصياً». واعتبر تقرير «ديلويت» أن الأخطار العملية التي تُعتبر مكوّناً أساسياً من «بازل – 3»، شكلت «تحدياً مستمراً للمؤسسات». كما رأى أن «عدم قدرة الشركات على قياس الأخطار العملية والعمليات التشغيلية المتعددة والمعقدة، هي السبب الرئيس في ذلك، علماً أن 45 في المئة فقط من الشركات صنفت نفسها فاعلة جداً بتراجع طفيف مقارنة بعام 2010».