للمرّة الأولى منذ ثلاثينات القرن الماضي، يقف قطاع الخدمات المالية على مشارف إعادة تحديد دوره. وتوقع تقرير أعدته مؤسسة «ديلويت» بعنوان «التطور استجابة لإعادة النظر في القوانين العالمية»، أن «يتأثر رأس مال المؤسسات المالية سلباً، في ظلّ بروز قوانين كثيرة في العالم، على غرار المعايير الدولية لإعداد التقارير المالية (IFRS)، وقانون الالتزام الضريبي الأميركي للحسابات الأجنبية «فاتكا»، و «بازل – 3»، ما سيبدّل تعاطيها مع تحاليل التعادل وإدارة هيكلة الكلفة ومقاربة الخطر التشغيلي المنهجي». ولم يستبعد الشريك المسؤول عن قطاع الخدمات المالية في «ديلويت الشرق الأوسط» جو الفضل، أن «تكون ربحية المؤسسات الكبرى الأشدّ تأثّراً بالأمر وتحديداً نتيجة التعديلات التنظيمية والقوانين». وفي منطقة الشرق الأوسط، لفت إلى أن المصارف وشركات التأمين «بدأت تستعد مسبقاً لهذه التغيرات ولتطبيق القوانين العالمية التي ستتزايد مع بدء تطبيق «فاتكا» بعد سنتين». ورأى أن من شأن هذه التغيرات ذات الطابع الشمولي وازدياد تكاليف التشغيل، فضلاً عن اشتداد حدّة المنافسة أن «تؤثر على أداء المصارف». وأشار تقرير «ديلويت»، إلى أن المسؤولين التنفيذيين ومجالس الإدارة «قلقون حيال المعايير والقوانين المالية الجديدة، إذ يحاولون إيجاد طرق لتطبيقها من دون التضحية بعائدات مؤسساتهم». ووسط هذه البيئة المتغيّرة، «يتحتّم على المصارف وشركات التأمين اتخاذ خطوات جديدة كالعمل على كيفية الخروج من قطاعات ونشاطات كانت تعتبرها أساسية في الماضي، إضافة إلى تقديم خدمات أو منتجات جديدة». ويشمل التغيير أيضاً «توسيع أطر دراسة الأخطار لتضم مجالات كإدارة المواهب، وإعادة النظر في الهيكلة التنظيمية». ويتطلب هذا الأمر «فهماً عميقاً للطرق التي ستؤثر فيها المعايير والقوانين المالية الجديدة على استراتيجياتها وعملياتها». ورصدت «ديلويت» 5 جوانب أساسية مؤثرة في قطاع الخدمات المالية في العالم، تتمثل في «تحديات القوانين الجديدة وتدخل الهيئات الناظمة والوقائع الجيوسياسية، والأخطار المرتبطة بماهية عمل المؤسسات المالية، والنتائج غير المقصودة في التشريعات الجديدة، والحاجة إلى اعتماد استراتيجيات معوّضة». وأشار الفضل، إلى بروز «أطر تنظيمية مشتركة، في وقت تطبّق هذه القوانين والمعايير على المؤسسات في شكل مختلف وفق طبيعة عمل كل منها». وتوقع أن «تحتفظ المصارف وشركات التأمين حول العالم وفي شكل متزايد، بهامش حماية لرأس المال بهدف تأمين حماية أفضل للمستهلك والحد من أخطار عدم الاستقرار المالي». واعتبر تقرير «ديلويت»، أن شركات التأمين «ستحتاج إلى تعزيز إدارة رأس المال وممارسات مواجهة الأخطار، التي يمكن أن تؤثر سلباً على النفاذ إلى المنتج والقدرة على تحمّل التكاليف».