هذا الموت لا سطوة له، نسمعه كمن يرى نفسه في المرآة سريعاً، قبل الخروج من "الكوريدور". يطمئن انه بخير، ويمضي. يموت أولاد دمشق وريفها، يُبادون من دون رحمة، ويغلفون بصمت داخل أكياس وأكفان بيضاء. ينتظرون الصورة، كي يلتقطها احدهم. نلصقها على هواء الشاشة او داخل فضاء الانترنت، ولا يعود للموت قيمة. أعداد مكدسة، مثل الجثث. مرصوصة قرب بعضها بعضاً. مثلما نفعل دوماً على "فايسبوك" او "انستغرام"، نكوّم الصور تلو الأخرى، كأنها ألبومات للاستذكار. لنسجل موقفاً. لنحكي دون تعليق، لأن الصورة ابلغ من الكلام. لكن كل ذلك لا يؤدي الهدف. كلنا عاجزون. واقفون على الطرف الآخر من الصورة. او لنقل اننا مشاركون بشكل او بآخر، حين ندع صور القتلى بلا طائل أمامنا. متربصين ننتظر تعليقاً او "تلييكاً" من هنا وهناك، كي نلتقط نفساً ونتحسر. ولا شيء آخر. نعود بعد قليل الى عالمنا. الى صورنا العادية. كأن كل هذا الموت لا يستحق عناء التوقف. كمن يقف امام المرآة هذه المرة ليقول: لست مجرماً.