تتأثر حركة المطارات في دول مجلس التعاون الخليجي بعوامل محلية مثل ظاهرة الضباب واكتظاظ الأجواء، والتي تتسبب بتعطيل أكثر من 200 رحلة سنوياً، ما يؤثر على 30 ألف راكب في الإمارات وحدها. وينعكس ذلك سلباً على قطاع الملاحة الجوية المزدهر في دول مجلس التعاون الخليجي، الذي يضطلع بدور محوري في التنوع الاقتصادي في المنطقة. وتعاني منطقة الخليج من ازدحام أجوائها، حيث يخضع نحو 50 في المئة من المجال الجوي في دول المجلس لقيود عسكرية، بمنع الطائرات التجارية من استخدام الممرات الجوية الأكثر كفاءة، ما يؤدي إلى فرض تكاليف إضافية غير ضرورية على شركات الطيران في المنطقة. وكان تقرير متخصص صادر عن معرض المطارات للعام الحالي في دبي، أكد أن هذه القيود تتسبب بازدحام الأجواء وتعرقل النمو في قطاع الطيران الخليجي. وتوقع أن «تنمو حركة السفر من الخليج وإليه بنسبة 5.8 في المئة سنوياً حتى عام 2016»، وهذا الرقم أعلى من المعدل العالمي. وأشار إلى أن «تنفيذ برامج ضخمة لتوسيع المطارات في دول مجلس التعاون الخليجي وتطويرها، والذي ترافق مع نمو سريع في معدلات الحركة، أفضى إلى تنامي ظاهرة «ازدحام الأجواء» وازدياد التحديات التي تواجه عمليات إدارة الملاحة الجوية في المنطقة. ورجّحت مؤسسة «بوز أند كومباني» في تقرير صدر أمس، أن تسبّب مشاكل أجواء المنطقة خسائر ضخمة في العائدات، ما يتطلب تكاليف باهظة لمعالجة تداعياتها، كما تخلّف خسائر اقتصادية أكبر على الصعيد الوطني. واستناداً إلى إحصاءات مؤسسة «إكسفورد إكونوميكس»، امتدت الأحداث الناشئة عن انتشار رماد البركان الأيسلندي في المجال الجوي الأوروبي عام 2010، إلى قطاع الملاحة الجوية في الشرق الأوسط وأفريقيا، مسببة خسائر صافية تُقدر بنحو 253 مليون دولار. وعانت شركة «طيران الإمارات» وهي أكبر شركة في المنطقة، من خسارة قيمتها 11 مليون دولار يومياً، إذ تُشكل رحلاتها إلى أوروبا ثلث عملياتها التشغيلية. ونصحت «بوز أند كومباني»، بأن «تعطى المرونة التشغيلية أولوية استراتيجية، على اعتبار أن أخطار عدم المرونة جسيمة سواءً من الناحية المالية أو السمعة». وأكد الشريك في «بوز أند كومباني» فادي مجدلاني، أن الأضرار المحتملة التي تطاول سمعة المطارات وأعمالها على المدى الطويل «أخطر كثيراً»، إذ يمكن أن «تدفع المسافرين إلى البحث عن مطارات بديلة أو تُضطر هيئات الطيران المدني إلى فرض ضوابط صارمة وغرامات مالية باهظة». وقال المستشار الأول فيها مروان بجاني، «في وقت يصعب تجنب بعض الأحداث، يظل بعضها الآخر قابلاً للمعالجة». ورأى أن «تحقيق المرونة التشغيلية لمطارات المنطقة واستدامتها هي الطريقة المثلى للتعامل مع تلك العوامل القابلة للمعالجة». لذا «يجب أن تكون هذه المرونة أولوية استراتيجية، مع تزايد أهمية مطارات المنطقة بوصفها محاور عالمية». ولاحظت المؤسسة العالمية، أن أحد تلك المحاور «يتجسد في مطار دبي الدولي الذي أصبح ثاني أكثر المطارات ازدحاماً على مستوى العالم لجهة حركة النقل الجوي الدولي». إذ سجلت قدرته الاستيعابية «قفزة نوعية لتبلغ 57 مليون مسافر عام 2012، بعدما كانت لا تزيد على 10 ملايين عام 1998. وفي السياق ذاته، حقق مطار جدة الدولي ارتفاعاً في عدد المسافرين، مستوعباً 19 مليون مسافر عام 2010 في مقابل 10 ملايين عام 1998. كما بلغ عدد المسافرين عبر مطارات أبوظبي والدوحة 15 مليوناً و 23 مليوناً على التوالي عام 2012. ولم تستبعد «بوز أند كومباني» نمو حركة النقل الجوي الإقليمي في شكل أكبر نتيجة «ضخ الاستثمارات في البنية التحتية لمطارات شمال أفريقيا والخليج على غرار سلطنة عُمان والكويت والبحرين، ما يجعل المرونة التشغيلية أولوية استراتيجية بالنسبة إلى مطارات المنطقة». وشدّدت على ضرورة أن «تكون المطارات قادرة على التعامل مع أي طارئ في شكل فاعل، والعمل على تنفيذ بروتوكولات الاستجابة للحوادث أو الأزمات، واتباع خطط الطوارئ، وتكليف موظفين إضافيين، والتزام جميع المشاركين مهمات ومسؤوليات واضحة». والأهم من ذلك، «التعاون المطلوب لإدارة الوضع ومعالجته». وربما تساعد أدوات التخطيط التي تتيح إمكان تحليل البدائل في شكل فوري أيضاً، صناع القرار على فهم السيناريو «الأقل سوءاً لمسار العمل».